يرفض الفنان فكرة التسويق للمنتج الفني، ليس لأنه لا يؤمن بفكرة التسويق، بل لأن عملية التسويق تحتاج لجهد كبير، ودراسة مطوله، كما أن عملية التسويق تتغذى على فرض جهد عالٍ، لتحريك فكر المستهلك، وهذا الجهد العالي يكون قد بذل في انتاج المنتج الفني، والمستهلك الذي هو مستهدف من قبل الفنان، لشراء العمل الفني، يكاد يكون معدوماً في المجتمع العربي، لذلك تعوض المؤسسات الثقافية هذا النقص باقتناء كميات قليلة جدا من الأعمال الفنية. تدرك بعض الدول أهمية اقتناء الأعمال الفنية، لأنها عملية استثمارية رابحة، وإن تأخر الربح، فهو ينصب في صالح المستثمر، إذ العمل الفني يمد صاحبه بمتعة بصرية، خلال فترة حياته، ومن ثم يدر عليه بالنقود، ويعد الاستثمار في الفن استراتيجية استثمارية بديلة، ولكنها تعود بالنفع على المجتمع، ثقافيا واجتماعيا، وحتى سياسيا واقتصاديا. لا تفتقر الدول العربية إلى المتاحف، ولكن هذه المتاحف تحتاج، لخطة ترسمها من أجل التسويق للفن، لا عرضه فقط، تصرف المتاحف مبالغ طائلة للفنان من أجل انتاج العمل الفني، ولكنها تغفل عن عملية تسويق المنتج الفني للفنان، العمل الفني الذي تم تبنيه من قبل المتحف، في أمس الحاجة للعرض من أجل التسويق، مما يجعل الفن مصدر رزق ودخل للفنان. لقد تحول التسويق من مفهوم المقايضة، أي سلعة مقابل سلعة، إلى عملية شراء عبر النقود، وكانت عملية الطلب أكثر من عملية العرض، والآن أصبح العرض أكثر من الطلب، وفي عالم التسويق أصبح الفرد هو المستهلك والمستهدف، من قبل التاجر، ولكن السؤال هل هذا ينطبق على المنتج الفني؟ للأسف ظل العمل الفني للعرض فقط، لعدم وجود مؤسسات تدعم مثل هذا النوع من الاستثمار، وإن وجدت فهي قليلة . إن عملية التسويق للفن علم قائم بذاته، له مبادئه وقواعده وأسسه الخاصة، يحتاج إلى شخص متخصص، فكما للفن التشكيلي كليات ومعاهد، فإن التسويق للمنتج الفني يحتاج إلى كليات ومعاهد خاصة به، لا أقصد إدارة الأعمال لأن السلعة هنا مختلفة، السلعة تعبر عن ثقافة وإدراك الفنان، وليس ميول الشخص المستهلك، هذا الشخص القائم على تسويق المنتج الفني، لابد له من إدراك لثقافة الفن وتاريخه، كما هي حال عالم الآثار، مما يمكنه من وضع خطة لتسويق هذه المقتنيات الفنية، وتوعية المشاهد بجوانب الاستثمار فيها. أولا وليس أخيرا الفنان مثل الصانع، يقوم بعملية الإنتاج، وليس التسويق للفن، ودور صالات الفنون بارز في التسويق للفن ولكنه محدود، ويحتاج الفنان لتدخل مؤسسة أكبر، وأوسع للتسويق مثل المتاحف ووزارة الثقافة، لذا لابد من خطة مدروسة لمعالجة مشكلة العرض دون الطلب للشراء. science_97@yahoo.com