ماذا يحتاج العالم، إلى جانب التطور التكنولوجي؟ إن فكرة «الأنسنة» التي نشأت مع الثورة الصناعية، وقاد عجلتها فلاسفة ومفكرون أمثال ديكارت وروسو، أشعلت ناراً حامية في أحشاء الإنسانية وأدخلتها في أتون تنانير أحرقت البعد الإنساني لحساب التطور المادي، ولكن بعيد حين من الدهر، يتنبه العالم، ويفتح عينيه على خراب البشرية جراء هذا السعي، غير الموفق باتجاه مادي بحت، جرّد الكيان البشري من روحه، ولأن الإمارات هي دائماً تقف عند الزوايا المنفرجة، وتفتح الأذرع، باتجاه المبادرات السامية، ولأن الإمارات البلد الذي أخذ على عاتقه تصحيح المسار الإنساني، بقدرات أهل الشيم وأهل القيم العالية، فكانت المبادرة، وكانت المثابرة، من أجل إنقاذ أطفال العالم من الأمراض القاتلة، ويأتي عقد القمة العالمية للقاحات في أبوظبي، تفسيراً واضحاً وجلياً لهذه الريادة الإماراتية في البحث عن الحلول الجذرية، لحماية الطفل البشري ورعاية وتوفير ما يسعده في الدنيا، ويحميه من الإرواء والإرزاء والأعباء.. قمة اللقاحات، هي شراكة من أجل الصحة، ومن أجل المنعة، والرفعة، ومن أجل خروج الإنسانية من مأزق الانحدار نحو المرض. لقمة اللقاحات فقط درس ومضمون، ومعطى حضاري جلي، وهي دعوة مباشرة للعالم أجمع، بأن يقف قليلاً، ويضع حداً للعاب السائل بغزارة وشدة نحو غايات مادية عمياء لا تحسب أي حساب لمعنى الإنسان وقيمته وأهميته. ولاشك في أن وجود الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في جوهر المعنى وصلب الشراكة، يعطي لهذا الجهد النبيل قيمه السامية في رفع المعاناة عن كاهل أطفال أسقطتهم الأمراض من حسابات الأمم، وبقوا تحت سطوة العاهة، عالة مستلبة لا تبدي ولا تعيد. قمة اللقاحات تسرد قصة نجاح رجال يبذلون النفس والنفيس، في صناعة غد البشرية، نقياً صفياً من عواهن الزمن، وعواتي العلل، وعاديات البؤس.. قمة اللقاحات، هي ثورة أخلاقية وقيمية، ضد النسيان، وضد التساهل في شأن الطفل الإنساني، هي قمة تبعث من جديد حياة ملايين من الأطفال، خاصة إذا علمنا أن في كل ثانية يموت طفل في العالم، سببه الأمراض العضال، والتي تعجز أوضاعهم الفردية والعائلية عن المجابهة والتخلص من هذه الأوبئة الفتّاكة. قمة اللقاحات، هي الدرس الوافي والكافي والشافي، لوجدان الإنسان الذي مثل هذه القمم التي لا تدور في فلك الشعارات وإنما تحقق المشاعر بالثقة، لأن الشركاء انسحبوا باتجاه الإنسانية بكل شفافية وجدارة، وصدق وإخلاص، بإيمان العاشقين للجنس البشري، دون تلوين أو تصنيف. Uae88999@gmail.com