وأنت تمشي على رمش الأرض، ظلك الشجر والبحر مداك، والملح مدادك والحُلُمُ الخصيب يلون عينيك بالفرح، السماوات العلا تكلم القلب تكليماً، والنجوم نواصع تهديك اللألأة يسألك الطفل الصغير، تخرج من فيه الكلمات بتأتأة، لمن هذه الشجرة؟ لمن هذه العملة النادرة؟ لمن هذه القارة العابرة في عيون الناس، لمن هذا الاستبرق والسندس والنمارق، الباهرة؟ لمن هذه النجمات السبع الزاهية المزدهرة؟ لمن تصفق الطيور في الليالي المقمرة؟ لمن تهتف الكواكب في احتفالات زاهرة؟ لمن تفتل، الكواكب جدائلها المظفرة؟ لمن تخضب الأنامل بحناء السواقي المثمرة؟ لمن ترفع الأعلام تلك المراكب المسافرة؟ لمن ترقص الحقول في الفصول الساهرة؟ لمن تغني الأرض الطاهرة؟ لمن تنشد الحمامات أناشيدها الفاخرة؟ لمن ترتل الأفواه قصائدها الناثرة؟ لمن تتشقشق الأسحار عن رؤية ساحرة؟ لمن تحكي الأقمار حكاياتها الزاخرة؟ لمن تنادي تلك الجبال العاليات الظافرة؟ لمن تغسل النبوع ثياب المراحل الغابرة،؟ لمن تحدق الأعين في ظلمات الكون الزاجرة؟ لمن تمد الأقلام ريشاتها المبحرة؟ لمن تتدلى هذه العناقيد ولمن تنحني الأغصان المثمرة؟ لمن كل هذا الأريج؟
قلت يا ولدي، إنه الحفل البهيج، لشجرة الاتحاد .. حارسة الوعود والعهود والعقود، والسدود، والحدود، والنجود، والقدود والوجود، والبنود، والصمود، والخلود، شجرة الاتحاد يا ولدي هي العين واللجين، وقرنفلة القلب، وياسمينة الدرب، هي الخصب والحدب والرطب، هي الجذب والحدب، هي آية الذكر وراية الفكر وغاية الدهر هي الوقاية والعناية والحماية والدراية، شجرة الاتحاد المقلة والقِبلة، والقصيدة المسترسلة، وفيض الله في أرضه، وآيته المبجلة، هي الرحلة المطولة على صحراء القلب، هي الركاب المجلجلة، هي في الشرايين، أوراق وأغصان مزَلْزِلة هي في الوجود نموذج لا تساويه الأمثلة، هي في العالم رمز للاخضرار، وسواها تبقى نسخاً معدلة، هي في التاريخ جملة مفصلة هي في التضاريس، شجرة وارفة مجللة، هي في الواقع، وطن، خيمة الناس جميعاً، ونجمة متبتلة، هي غيمة النث، ومزن الفصول المبللة.
شجرة الاتحاد يا ولدي البيت والصيت، والهوى والأشواق، ومن شابته الأهواء والارزاء، والافتراء، فلا عناق له، ولا أعناق، ومن شفَّه البغض والحسد، فلا ظل له ولا أوراق، ومن أغلق الطريق إلى البيت، فلا مآل له ولا مثال، ولا سؤال تجيب عليه شجرة الاتحاد.
يا ولدي، ابحث عن ذاتك في وطنك، تكن الأوراق خضراء والقلوب بيضاء، «وما نكوى وانشوى»، إلا من حادت به الفكرة عن العبرة، فأصبح كالقشة تذروها الرياح.



Uae88999@gmail.com