صدر كتاب? «?زمن الرواية?» ?سنة?، ?1999? ?وهو نتيجة إدراك أسبق أخذ? ?يناوشني منذ مطلع الثمانينيات،? ?ويفرض نفسه بقوة على وعيي النقدي مع سنة 1988 حين حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل?. ?وكانت أول نوبل تمنح لأديب عربي،? ?ولكنه كان،? ?ويا للمفارقة،? ?كاتب رواية وليس شاعرا،? ?في عالم? ?يفخر،? ?ولا? ?يزال،? ?بالشعر ويراه? «?ديوان العرب?». ? وأذكر أنني في هذه السنة أخذت أحصي الحاصلين على جائزة نوبل لنجيب،? ?فاكتشفت أن الجائزة كانت قد أخذت تميل إلى الروائيين،? ?ابتداء من جارثيا ماركيز وانتهــاء لآخــر روائي حـصل عليها?. ? وقد توقفت طويلا عند هذه الملاحظة،? ?وأخذت في تأملها،? ?فاكتشفت أن الخط البياني للرواية في العالم أخذ في التصاعد اللافت والدال?. ?وقد عاد بي ذلك إلى سنة 1945، وهي السنة التي أصدر فيها عباس العقاد كتابه? «?في بيتي?» ?وفيه? ?يتحدث عن مكتبته،? ?وعن قلة ما فيها من روايات?. ?وأرجع العقاد ذلك إلى عدم احترامه للرواية بالقياس إلى الشعر،? ?وذهب العقاد في الافتراء إلى حد الزعم بأن بيتا واحدا من الشعر،? ?مثل?:? وتلفتت عيني،? ?فمذ خفيت عني الطلول تلفت القلب يعادل رواية بأكملها?، ?وجعل العقاد الشعر فن الصفوة على النقيض من الرواية التي جعلها فن العامة والجماهير الغفيرة?. ?وكان من الطبيعي أن? ?يخرج للعقاد من? ?يرد على أفكاره?. ?وكان أبرز من استطاع أن? ?يلقم العقاد حجرا شاب واعد في فن الرواية اسمه نجيب محفوظ?. ?كتب? ?يدافع عن الرواية ضد آراء العقاد باقتدار،? ?ووصف القصة، ومنها الرواية بأنها? «?شعر الدنيا الحديثة?». ? وكما لو كان هذا الشاب الواعد? ?يتنبأ بالمستقبل،? ?فإذا بالرواية تزاحم الشعر،? ?وإذا بوسائل الاتصال الحديثة تزيدها حضورا في حياة البشر الذين أصبح التلفاز والسينما عنصري جذب مهم في حياتهم،? ?وأداتين لتحويل الروايات إلى أفلام ومسلسلات،? ?فكانت النتيجة أن أصبحت الرواية حقا شعر الدنيا الحديثة?. ?ولذلك خصصت عددين من أعداد مجلة? «?فصول?» ?حين كنت رئيسا لتحريرها للرواية،? ?واخترت للعددين عنوان? «?زمن الرواية?». ? وعندما أصبحت أمينا للمجلس الأعلى للثقافة أقمت الملتقى العربي الأول للإبداع الروائي وجعلناه عن خصوصية الرواية?. ?وبعد المؤتمر بأشهر،? ?أصدرت كتابي? «?زمن الرواية?»?،? ?فأثار عاصفة من الاستجابات المتعارضة،? ?ورفضه عدد من الشعراء،? ?وتحمس له كتاب الرواية،? ?ونفذ الكتاب بعد أشهر،? ?لكن ظل العنوان? «?زمن الرواية?» ?علامة على? ?زمن جديد من الإبداع هو ذلك الزمن الذي نعيش تتابعه، والذي لا? ?يتوقف فيه المد الروائي عن التصاعد،? ?ويشمل حتى الأقطـار العربيـة التي لم? ?يكن لها إسـهام قديم في عالم الرواية العربيـة التي أخذت تحتـل صدارة المشهد الإبداعي،? ?وذلك على نحو? ?يرهص بأنها سوف تظل كذلك في المستقبل الذي? ?يمكن رصده?.?