من يعيش أجواء دورة الخليج يدرك أهمية السلاح الإعلامي، وهو سلاح ذو حدين بالنسبة لأي قطاع في أي دولة، قد يكون داعماً ويسير في خطى متوازية مع الخطط الموضوعة من أجل إنجاح العمل المراد إنجازه، وقد يكون هادماً يقف حجر عثرة في مسيرة التطوير، ويضع أمامها العراقيل بحثاً عن إثارة في غير محلها. ما شاهدته بأم عيني في المنامة أقرب إلى الخيال، ولا أجد التعبير المناسب لتوصيف حالة التردي الإعلامي التي وصل إليها البعض ممن يبحثون عن الشهرة الزائفة، فرأيت من يسعى لزعزعة استقرار منتخب بلاده من خلال بث أخبار كاذبة لا تمت للحقيقة بصلة، ورأيت التعصب الأعمى يطل برأسه لدى البعض، فتتلاشى ألوان قميص المنتخب ويبرز لون قميص النادي، وأحاول أن أجد السبب المقنع، ذلك الذي يحول الإعلامي إلى مشجع. شاهدت من يحول قلمه إلى أداة لتصفية الحسابات، وسمعت أخباراً وتقارير تضع الزيت على النار من أجل إشعال أجواء البطولة وبث الفتنة البغيضة بين الأشقاء، في تجمع يتغنون بأنه من أجل لقاء الشباب الخليجي وتعزيز أواصر التآخي والتلاقي، ولكن هؤلاء هم الذين يفسدون البطولة ويعكرون صفو أجوائها، ويحولونها إلى معركة رخيصة لا تليق بنا ونحن نحتفل اليوم بمرور 43 عاماً على انطلاقة الحدث الرياضي الأهم على مستوى الخليج. وما هو أشد خطورة أن يتحول القلم إلى خصم بدلاً من أن يكون مصدر دعم، وعندما يتمنى صاحب الرأي أن يخسر منتخب بلاده بسبب خلاف شخصي مع مسؤول ما، أو مع رئيس اتحاده، وحتى يثبت صحة كلامه ودقة انتقاده، فهو ينادي منذ فترة بإقالة المدرب، وحتى يؤكد نظرياته، فلا مانع لديه أن يتمنى خسارة وفشل المنتخب. ما هكذا تورد الإبل، ولا يمكن أن تكون الرسالة الإعلامية في أيادٍ لا تدرك حجم المسؤولية، وعندما أشاهد هذا الذي يحدث في مطبوعات تصدر في بعض الدول المجاورة، وتلك التي نشرت هذا التقرير المفبرك أو ذلك الخبر المثير، أقول بملء فمي حمداً لله، لأن إعلامنا بخير. فنحن لدينا سقف عالٍ من الحرية، ومساحة كبيرة للنقد، ولا يوجد لدينا مقص للرقابة يتحكم في مضمون آرائنا أو ممحاة خفية تشطب بعض ما تخطه أقلامنا، ولكن نحن من نرفع السقف أو نخفضه وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، فلا نتحامل، وفي الوقت نفسه لا نجامل، ولا نقول إننا بلا أخطاء ولا ندعي، ولكننا نمتلك أهم ما تتطلبه المهنة، ألا وهو الوعي. Rashed.alzaabi@admedia.ae