كنا على موعد جديد بعد ظهر أمس الأول، مع حلقة من حلقات نور وضياء العلم وجديد العلوم التي تنعقد في المجلس العامر للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. كان المحاضر الدكتور ديل كلاين-كما في كل المرات- رجلا متمكنا من موضوع محاضرته التي انطلق فيها من حادثة محطة فوكوشيما اليابانية التي ضربتها أمواج المد العاتية” التسونامي” في أعقاب زلزال مدمر قبل عام مضى، ليحدثنا بعد ذلك عن مستقبل الطاقة النووية، ويركز في حديثه على برنامج الإمارات للاستخدام السلمي للطاقة النووية الذي أصبح اليوم أنموذجاً بعدما صنفته الهيئات المختصة والدول الكبرى”معياراً ذهبياً” لإلتزام الدولة الشفافية التامة وحرصها على تنفيذ أعلى معايير السلامة والأمان النوويين.
وقد كان برنامج الإمارات للطاقة النووية قد مر بمراحل عدة، كل مرحلة منها كانت تتم في منتهى الشفافية، وقد توجت في ديسمبر من العام الماضي بتوقيع عقد بقيمة 75 مليار درهم مع ائتلاف من شركات كورية لتنفيذ الإنشاءات والعمليات المشتركة والصيانة لأربع محطات للطاقة النووية في الدولة. وقبل تلك الخطوة التنفيذية أعدت الإمارات وثيقة السياسة العامة الخاصة بإعداد و تطوير برنامج الطاقة النووية السلمية في الدولة في أبريل 2008. ومضت بإنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، عقب أكثر من ثلاث سنوات من الدراسات والاتصالات والمشاورات والأبحاث التي تعرفت من خلالها الدولة على أكثر الطرق فاعلية لتلبية الحاجة المتزايدة للطاقة، حيث سيتضاعف الطلب على الكهرباء في الإمارات بحلول عام 2020 .لذلك مهدت الطريق نحو الاستخدام الآمن والكفؤ للطاقة النووية عام 2017.
وحظي البرنامج النووي الإماراتي بتقدير دولي رفيع بعد تبادل المذكرات الدبلوماسية بشأن التعاون مع الولايات المتحدة في هذا المجال، ودخوله حيز التنفيذ، وكذلك توقيع الدولة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا على البروتوكول الإضافي المعني بحظر الانتشار النووي والشفافية.
لقد كانت شفافية التعامل في هذا الأمر، والخطوات الجبارة التي قامت بها الدولة في هذا المجال محل أعجاب المحاضر الذي يعد أحد الخبراء البارزين على مستوى العالم في مجاله الذي يعمل فيه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وشغل خلاله مناصب تنفيذية رفيعة قبل أن يستقر به المقام في جامعة تكساس.
لقد لخصت أجواء المحاضرة مقدار فخر واعتزاز أبناء الإمارات بإنجازات قيادة تنظر دوماً للمستقبل وهي تنطلق من إنجازات الحاضر الزاهي في “وطن المعايير الذهبية”، حيث الحرص على التميز عند تنفيذ كل من شأنه تعزيز رفاهية وازدهار إمارات المحبة، وأكدت النقاشات التي جرت في أعقاب تلك المحاضرة القيمة، الروح الشفافة التي تتسم بها الحوارات المسؤولة الناضجة، عندما يتعلق الأمر بقضايا ومشاريع استراتيجية ضخمة، بحجم البرنامج النووي للطاقة النووية السلمية للإمارات، والمعني أساسا بتعزيز مسيرة الخير والتقدم والازدهار لصالح أجيال المستقبل. وهذه الروح من أسرار معادلة نجاح النموذج المتفرد لصرح الإمارات الشامخ دوما بسواعد أبنائه وقوة تلاحمهم والتفافهم حول قائد المسيرة خليفة الخير وإخوانه.

ali.alamodi@admedia.ae