في لحظة من الزمن وجدت نفسي أستقل مركبا بحريا متوسط الحجم تنتشر فيه المقاعد الوثيرة بطريقة جميلة، ويتمتع بمواصفات خاصة وتتوافر فيه سبل الراحة لرحلة تمتد لنحو ساعتين من الزمن. يمخر المركب عباب البحر بسرعة مناسبة، وأنا أرقب صفحة الماء التي تزداد زرقتها كلما نظرت إلى الأفق ولامست السماء سطح البحر في نهاية مدى الرؤية. الأمواج المتهادية، التي تدفع المركب للاهتزاز على صفحة الماءتثير فيك رغبة الاسترخاء لأخذ غفوة حتى تصحو على صوت من حولك وهم يستعدون للنزول من المركب ليمضوا إلى استراحة أنشئت في وسط المسافة بين أبوظبي ودبي، خصصت لاستراحة قصيرة لتناول مشروبات باردة أو حارة وقد يستغلها البعض للحركة بعد طول جلوس. لم تمض دقائق حتى أصدر المركب صوتا ينبئ بمواصلة الرحلة من جديد. وتمضي الرحلة وبعد فترة تنظر في الأفق البعيد لتصافح ناظريك ملامحُ برج خليفة هناك على اليابسة وسط ضباب كثيف ثم تتضح تلك الأبراج والمجمعات السكنية رويدا رويدا. وكلما اقترب المركب اتضحت الرؤية لتفصح عن مدينة تسابق الزمن لتفرض شخصيتها على مدن العالم بتألقها ليس ببنيتها التحتية وجمالها وتوافر متطلبات الحياة فيها لكل فئات المجتمع فحسب، بل لاقتصادها وسياستها في كسب حب زائرها، وسط هذه التأملات التي أخذتني بعيدا لأقارن بين هذه المدينة والتي كنت أمر في شوارعها قبل أكثر من ثلاثة عقود. لم انتبه إلا وصوت فراش المكتب يستأذن للخروج كون الدوام أشرف على نهايته، ويسألني إن كنت أريد شيئا قبل مغادرته؟ ما أجمل أحلام اليقظة هل يمكن أن تتحقق؟ لدينا سواحل ممتدة على كتف الخليج تمر بجميع الإمارات، فما الضير في عمل مشروع التاكسي المائي ليربط مناطق الإمارات كافة؟ المشروع الذي يمكن بإنجازه إنشاء مشاريع داعمة تستوعب العديد من الشباب المواطنين الباحثين عن عمل، فضلا عن جدواه الاقتصادية والأرباح التي يمكن أن يحققها، ويمكن أن تكون شركات يسهم فيها المواطنون أنفسهم، الفوائد عديدة إلى جانب ما ذكرت، فهي إلى جانب أنها تشكل رحلات ممتعة ترفد القطاع السياحي، فهي حل لمعضلة الحوادث المرورية التي تسببها الاختناقات المرورية، وتحد من أعداد السيارات على الطرقات بين مدن الدولة، أتصور على الأقل لو وجد مثل هذا المشروع كخطوة مبدئية بين دبي والشارقة، نظرا لقرب المسافة لبات الاختناق المروري المزمن على جسر النهده أقل، والمرور أكثر انسيابية. في تقديري، لدينا القيادة الحكيمة التي تحرص دوما على توفير كافة الإمكانات والسبل للرقي بدولة الإمارات ومواطنيها، وتوفير الحياة الكريمة لهم، وتسخير الطاقات المادية والبشرية لدراسة مثل هذا المشروع الحيوي من الجوانب الملاحية والفنية والبيئية وترجمته إلى واقع ملموس. من يقول إن الخيال أو الحلم لا يفيد؟ انظر ما فعل بي! جميل رفيع | jameelrafee@admedia.ae