بعض الدول بدأت تمارس البلطجة بتفكير مقولة “غوار” “حارة كل من إيده إله”، مستغلة في ذلك ذوبان القوانين الدولية وضياعها في سراب المصالح.. بعض الدول تفكر تفكير الشبيحة، فعندما لا تجد ما يبرر أفعالها غير مبدأ عليّ وعلى أعدائي فإنها تمارس البغي والغي وتفرض قوانينها على العالم بحكم أنها الدولة الملائكية الوحيدة التي تحارب الشيطان وتواجه عدوان الآخرين عليها فتضيع الأوهام وتركض بأقدام حافية خلف كائنات متوهمة ومفتعلة.
ما تعاني منه مملكة البحرين اليوم هو هذا التصرف اللاأخلاقي من دول هربت من أمراضها لتلقي بعلاتها على آخرين لا ذنب لهم فيما يجري على أرض تلك الدول سوى أنها بلد مسالم، محب، نأى بنفسه عن تشابكات المصالح الدولية، واختص في تأسيس مجتمع يقوم على التآلف والتكاتف ولكن بعض الدول لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب، دول جيرت كل قواها وجندت نظرياتها ومعتقداتها لأجل إثارة الغبار في كل أنحاء العالم.. أعتقد أنه لا يوجد مجتمع مثالي ولا توجد جمهورية أفلاطون في العالم، لكن الفرق بين بلد وآخر أن بعض البلدان لا تعترف بوجود الأخطاء وهي كالمريض الذي يعاني من مرض عضال لكنه لا يعترف بالمرض ولا يريد أن يذهب للعلاج، لذلك فإنه لا محالة ذاهب إلى زوال، ومنته إلى سوء المآل.
فالوقاية من الأمراض الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أولها وآخرها الاعتراف والسعي لإيجاد وسائل تحل المعضلة، هذا بطبيعة الحال لا يحصل في كل من الدول، لذلك فهي لكي تهرب من مشاكلها تحاول أن تصدرها للآخرين وتفكر دوماً بأعداء خارجيين، بل وتصنع الأعداء في الخارج، اقتناعاً منها من هذا الهروب وسيلة كل ما يفور في تنور الداخل وقد فعلتها دول وانتهى بها الأمر إلى خراب وضياع في حفر الانفعالات العصبية وخنادق الاعتقادات الخاطئة، ونشعر بالأسى عندما نسمع عن التدخلات الخارجية في البحرين وكأن اختلاق المشكلات في هذا البلد يحل العقد التاريخية لبلدان أخرى.
فالأديان جاءت لنثر عبير التسامح والعمل معاً لأجل تعمير الأرض على يد خليفة الله في أرضه، ولكن عندما يوضع الدين الواحد في عدة أكياس بلاستيكية ويكتب على الأكياس هذا من صنع الملة الفلانية وذاك من صنع الفرقة العلانية، وثالث مفقود مجروح في انتظار المخلص الذي ينهي حزنه التاريخي الذي لم تشفيه الدماء والأرواح التي زهقت.. كل ذلك لأن العقل المخبأ والمعبأ بنظريات لم تقترب بعد من الواقع ولم تستطع ملامسة مشاكل الناس ما جعل السياسة والسياسيين يحلقون كطيور غريبة فقدت بوصلة المكان فعافها الزمان.. كذلك لأن الغابة امتلأت بالأنياب الصفراء في غياب القوانين وتعثر الضمائر بعقبات الذات المتورمة.. كل ذلك والوقت يمر وسوف تنتهي هذه الدول إلى زوال قبل أن تخرب غيرها من الدول.


marafea@emi.ae