تنطلق اليوم فعاليات الدورة الثالثة والعشرين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وقد أصبح المعرض معلماً من معالم العاصمة وعرسها الثقافي الذي يتجدد عاماً بعد عام، وتحول إلى ملتقى لرجال الفكر والمبدعين من شتى أنحاء العالم، يشاركون المدينة المتوهجة حيوية وتنوعاً وإبداعاً، فرحتها باحتضان عشاق «خير جليس في الأنام» الذين أصبحوا على موعد دائم مع جديد نتاجات العقول في مختلف مناحي الإبداع.
المعرض الذي يقام برعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ينطلق هذا العام وقد شهد زيادة بنحو 15% في المساحات المخصصة للعارضين، و13% في أعداد المشاركين عن دورة العام الماضي، بحسب ما أعلنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الجهة المنظمة للحدث الكبير، وهي ذات سبق متواصل في تنظيم فعاليات ضخمة ومتنوعة على مدار العام، وضعت من خلالها أبوظبي بقوة على خريطة السياحة بمفهومها الواسع، وسياحة المؤتمرات والمعارض والبطولات الرياضية العالمية بوجه خاص.
وحشدت اللجنة المنظمة للمعرض جملة من الفعاليات، استقطبت لأجلها أبرز رموز صناعة الكتاب والنشر والأدباء والمفكرين والفنانين ومشاركين من أكثر من 50 بلداً.
تنطلق فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وعاصمتنا الحبيبة تعيش على إيقاعات مبادرة حضارية جميلة أطلقها مجلس أبوظبي للتعليم لتوطيد حب وعشق القراءة لدى أطفال اليوم رجال الغد، بتنفيذها على مستوى رياض الأطفال وطلبة مدارس المرحلة الابتدائية، بمشاركة شخصيات مجتمعية شهيرة لتحبيب عادة القراءة عند هؤلاء الصغار في مراحل سنية مبكرة.
وقد دشن هذه المبادرة الحضارية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، برسالة مرئية مسجلة، ومشاركة ميدانية تمثلت في زيارة مدرسة المشرف وقراءة قصص لتلاميذها، أكد خلالها سموه أهمية القراءة للإنسان، ونحن أمة أول آية من كتاب الله تقول لها «اقرأ». وفي تلك الرسالة قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان «إن الإنسان يحتاج إلى سنوات ليعيش تجربة حقيقية، لكنه بالقراءة يستطيع أن يعيش عشرات التجارب في ساعات عدة».
ووسط هذه الأنوار الثقافية المتلألئة للمعرض، يضيف حفل توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السابعة وهجاً خاصاً للمعرض، سيما وهي تكرم الفائزين، ونحتفي معها بتكريم الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي اختارته الجائزة شخصية العام الثقافية، وهو احتفاء بصوت العقل والاعتدال والوسطية، في زمن يريد دعاة الغلو والتطرف والتشنج أن يتصدروا المشهد ويصادروا معه حق وحرية الآخرين في الاختلاف، فقد كان اختياراً صادف أهله، وجاء في توقيت دقيق، يعبر عن ضرورة إعلاء رموز الاعتدال والوسطية في عالم اليوم الذي يشهد على مقدار الأذى الذي لحق بصورة الإسلام والمسلمين جراء تصرفات المتفلتين والمتعصبين الذين يحسبون علينا، بينما دين الحق يحض على الحوار ونشر التسامح وحسن التعايش بين الشعوب والأديان والحضارات.
زخم من الفعاليات المتميزة تواكب العرس الثقافي المتجدد الذي يجد عشاقه متعتهم في التجوال بين أجنحته، ينالون لذة اقتناص كتاب يبحثون عنه، بينما يستمتعون بمناخات الفخامة التي أصبح عليها المعرض منذ بداياته المبكرة في خيم وكرافانات المجمع الثقافي القديم وحتى اليوم، فأهلاً بأهل القلم وما يسطرون.


ali.alamodi@admedia.ae