الحرص على هذا الوطن بصدق حقيقي وعمل دؤوب لا يتوقف ليل، نهار، واحد من العلامات فائقة الوضوح في حركة وعمل الرجال الساهرين على أمن الإمارات، وحماية مجتمعها من الآفات والبلايا التي تتقاذف علينا من كل مكان، ولا يتبادر إلى ذهن أحد أن الناس هنا غافلون عن وطنهم أو نائمون في العسل، تاركين المجتمع نهباً لضعاف النفوس، فحتى وإن كنا لا نرى بأعيننا أو لا نتلمس بحواسنا الرقابة والمتابعة الدائمة، إلا أنها موجودة ليل، نهار، وعملية ترويج المخدرات أو العقاقير المنبهة والمهلوسة التي تروج بين طلاب المدارس، هي في الحقيقة مرصودة ومتابعة بشكل جيد من قبل رجال المكافحة، وهم على علم دقيق بكل الحيل والأساليب التي يلجأ إليها التجار لترويج بضاعة الموت بين أبنائنا الصغار!
إن القضية التي طرحناها في هذا العمود بالأمس، لقيت الاهتمام الذي تمنيناه، وقد تحدث معي بشأنها أحد كبار ضباط المكافحة الذي بدا من خلال حديثه مقدراً لكل ما ذكر في المقال، ومعترفاً بوجود الظاهرة في ذلك المعهد، وفي معاهد ومدارس أخرى.
إن تطوير أساليب الترويج والتعاطي واحد من التحديات التي يعمل عليها تجار هذا النوع من السموم، فكلما اكتشف رجال الأمن حيلة طور التجار حيلة أخرى، وكلما أحبطوا لهم شحنة عابرة عبر مطاراتنا وموانئنا، ازدادوا إصراراً على إدخال شحنات كبرى، إنها حرب حقيقية وشرسة يخوضها رجال الأمن ضد رجال الدمار والتخريب، وتحتاج منا جميعاً الكثير من اليقظة والحرص والتنبه جيداً لأبنائنا الشباب والفتيات معاً، هذه مسؤولية البيت، وعلينا أن لا نتراخى تجاه القيام بها!
إن المطاردة مستمرة ويجب ألا تتوقف أبداً ضد هؤلاء، أما نحن كأسر فعلينا دور لا بد من تأديته، هو ألا نتوقف عن الحديث مع أبنائنا، ألا نغلق نوافذ الحوار والمكاشفة معهم، ألا نترك الصمت يحفر طرقات ويبني حواجز بيننا وبينهم، إن الطرقات المهجورة تصير مرتعاً للدواب والهوام والوحوش، وإن الحواجز تمنع النور وتحجز الرؤية عنا وعنهم، فيكبرون في العتمة والصمت، وإن الصمت لا يحل المشاكل ولا يبني المستقبل، من هنا أحيي كل أم تبقي الحوار مفتوحاً مع أبنائها حتى بعد أن يغادروا الطفولة لينضموا إلى جموع المراهقين والشباب الذين يطالبون بحياة خاصة لا يخترق أسرارها أحد تحت عنوان “الخصوصية”!! فالخصوصية مساحة صغيرة مطلوبة، لكنها ليست دولة ذات سيادة!!
فلو لم تُقِم تلك الأم حواراً صحياً مع ابنها ما كانت ستعرف عن مسألة إدمان بعض الشباب الحبوب المحظورة في المعهد، ولو لم تستمر تلك الصديقة في الكلام مع ابنتها وبكل الأساليب الحكيمة، لما استطاعت أن تكتشف انضمام ابنتها إلى جماعة مشبوهة وخطيرة تنتمي لأفكار وتوجهات جماعات عبدة الشيطان، دون أن تعلم البنت شيئاً عن طريق التهلكة الذي تمضي فيه بسذاجة، ومن باب التقليد والعلاقات الغريبة بين الطلاب والطالبات في المدارس، لذلك نؤكد مراراً وأبداً، ضرورة وخطورة وأولوية الحديث والحوار مع الصغار والمراهقين حتى تكافح الأسرة أي خطر يتهددهم واكتشافه في وقته، فلنترك رحى الحديث دائرة في البيت وسنرى طحناً جيداً، كما سنسمع قعقعة محببة كذلك!
الإمارات واحدة من المجتمعات الغنية، وهي من المجتمعات الشابة التي تزيد نسبة من تتراوح أعمارهم بين 15 و25 على 60% من نسبة السكان، كما أنها مجتمع مفتوح يتعايش فيه عشرات الثقافات والجنسيات، هذه كلها مغريات طبيعية لمن يريد أن يروج أي بضاعة، فما بالكم بالمخدرات، لكن كل ذلك لا يعفينا من المسؤولية والقيام بما يجب إلى جانب رجال الأمن الذين يقومون بما عليهم خير قيام. حفظ الله الإمارات دائماً وأبداً.



ayya-222@hotmail.com