وصلتني هذه الرسالة من سيدة قريبة طالب يدرس في واحد من المعاهد العلمية الحكومية بالدولة، حول ما أثاره حديث الطالب من قلق كبير في قلب والدته عما يحدث داخل المعهد، الأمر الذي يحيلنا إلى ظاهرة التخريب الممنهج الذي يمارس ضد أطفالنا وأبنائنا في بعض دور العلم كالمعاهد والمدارس، وعلى أيدي أشخاص يفترض بهم أن يكونوا عمالاً أو موظفين في هذه المؤسسات التربوية، فإذا بهم يستغلون مكانهم وقربهم من هؤلاء الطلاب ليفسدوهم بأكثر الوسائل والأدوات بشاعة: وهل هناك أبشع من اغتصاب طفلة في السابعة من عمرها؟ أو التحرش بطفل صغير؟ هل هناك أكثر إجراماً من ترويج المواد المخدرة أو الحبوب المهلوسة بين الطلاب؟ هل يتصور إنسان سوي أن يستغل طبيب عيادته وتردد البعض عليه ليبيعهم العقاقير المخدرة.
إن ذلك وأكثر منه يحدث وتكتب عنه صحفنا ويلقى مرتكبوه جزاءهم المستحق، لكن فتح هذه الملفات إعلامياً لا يهدف إلى تحقيق سبق صحفي يغلق الملف بعده، ولكن إلى تحريك المياه تحت كل جسور ومفاصل المجتمع حرصاً على هذا المجتمع أولاً وأخيراً.
تقول المرأة في رسالتها «هناك معهد معروف في إمارة (......) يقدم التعليم التقني المهني باللغة الإنجليزية في المرحلتين الثانوية والجامعية، وابن أخي يدرس فيه، وقد حكى الطالب لوالدته أن الطلاب مدمنون على أدوية مختلفة «ربما يكون عقار الترامادول» من المواد المخدرة التي تباع من قبل بعض الموظفين الآسيويين في المكان ومن جانب بعض الطلاب أيضاً.. ثم روت في الرسالة مشاهدات مريبة عن سيارات ذات زجاج معتم يدخلها الطلاب ويبقون فيها طويلاً ثم يخرجون بشكل مريب!!
الذين سينكرون الأمر سيقولون، إن الطالب ربما فهم الأمر بشكل خاطئ، أو أنه يريد الإيقاع بزملائه لخلافات بينهم، أو أن ما شاهدته المرأة لا يعدو أن يكون مشهداً عادياً لا يحمل أي دلالات خطيرة، لكن المسؤولين يعون خطورة المسؤولية، وخطورة التحديات والتأثيرات التي يتعرض لها شبابنا في المجتمع، ومن هنا، من المطلوب أخذ هذه الملاحظات على محمل الجد، وذلك بأن تتصدى جهة مسؤولة لمراقبة المكان حماية لهؤلاء الطلاب الذين ربما لا يجدون من يردعهم أو يحميهم عن المضي في طريق الهلاك الذي يقودهم إليه مجموعة من فاقدي الضمير، إن مراقبة إحصاءات الحضور والغياب والتسرب والرسوب وغير ذلك ربما قادت لمعرفة المزيد وتحقيق أكبر قدر من الحماية والرعاية للطلاب بدل تركهم دون مراقبة!
نحن في الإمارات نتمتع بميزتين: أولاهما وأهمهما ارتفاع نسب الشباب وصغار السن في المجتمع، وثانيتهما درجة الرفاهية وارتفاع الدخول الفردية في المجتمع، لذلك سنظل في مرمى الطمع والاستغلال دائماً، ما لم نحم شبابنا وأبناءنا ابتداءً من الأسرة وانتهاء بالمدرسة، وما لم نحطهم بالتربية والحصانة التي تقيهم هذه الحيل والاستغلالات التي لا تنتهي، وهنا فالرقابة ليست شكلا لانعدام الثقة، ولكنها أمر لازم لضمان الاستمرار الأمثل لكل شيء: لنشأة أبنائنا بشكل سوي، ولردع أي أحد من ضعاف النفوس من أن يتسلل مستغلاً ثغرة الثقة وانعدام الرقابة، دون أن ننسى أن «من أمن العقوبة أساء الأدب» ولأنه أمن العقوبة اعتدى ذلك العامل على براءة تلك الصغيرة داخل حرم المدرسة دون خوف أو تردد!
وكما وضعت الكثير من المدارس كاميرات مراقبة اعترافاً بوجود ظواهر سيئة بين الطلاب ومن قبل عمال النظافة، فإن هذا المعهد العلمي يحتاج إلى أن يراقب بشكل دقيق، فحبوب «الترامادول» التي تكتشف عبر المعابر وتصادر كل يوم تعطي مؤشراً خطيراً على شيوع تداولها بين الشباب وتستوجب اليقظة في كل مكان.. حفظ الله الإمارات وشعبها وكل من يسكن بها.


ayya-222@hotmail.com