لمجتمع الإمارات إشكاليات متفاوتة فيما يتعلق بشؤونه الاجتماعية والتنموية، وبلاشك فإن مشكلة البطالة بين الشباب وتوطين الوظائف إشكاليتان رئيسيتان أفرزتهما ظاهرة خلل التركيبة السكانية التي تعاني منها الإمارات على أكثر من صعيد منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، ومن ثم جاء الانفتاح وسيادة مبدأ الجودة والتنافسية العالمية، إضافة لضعف مخرجات التعليم وسيطرة الأجانب على قطاع الوظيفة الخاصة، ليرفع حدة المواجهة والتحدي وليقلل من فرص استحواذ الشباب الإماراتي على الوظيفة العامة والخاصة في بلاده. ومعروف أن الحكومة قد تنبهت لهذا الخلل مبكراً وأسست لمواجهته العديد من اللجان والمؤسسات والمبادرات التي تدعم حق شباب الإمارات في التوظيف والعمل، كما أصدرت العديد من القرارات والقوانين الملزمة للقطاع الخاص ولقطاع المصارف تحديداً على توظيف الإماراتيين، وحددت نسباً واضحة يجب على المصارف الالتزام بها، كما ذهبت لأكثر من ذلك عندما أنشأت هيئة تنمية الموارد البشرية لدعم التوطين والتدريب ومحاصرة البطالة بين الشباب، كل تلك الجهود محل تقدير وتثمين عاليين، ولكن مسعى الحكومة وإرادتها السياسية التي تصب وتخدم مشروع التنمية البشرية أمر لاشك فيه ولا غبار عليه، لكن المسألة تتجاوز أحياناً زاوية الإرادة السياسية للحكومة لتطال المسؤولين التنفيذيين، في مجالات العمل المختلفة سواء ما كان منه حكومياً أو خاصاً، ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن طريق كبار صناع القرار في الدولة حق التوظيف ومشاركة شباب الإمارات في كل ميادين العمل وفي الإعلام على سبيل المثال، إلا أننا إلى هذه اللحظة مازلنا نعاني من ظاهرة انحسار الوجود المواطن في الإعلام المحلي وسيادة العنصر غير المواطن، ومازلنا نسمع ونرى عناصر إماراتية تتميز بالتعليم العالي والخبرة والكفاءة إلا أنها تبحث عن فرصة عمل. هذه المعادلة تحتاج إلى حل لتتفق رؤية وإرادة الحكومة مع ما يحدث على أرض الواقع، فتلك قضية على جانب كبير من الحساسية والأهمية للجميع. وبالرغم من أن مشكلتنا الأساسية في القطاع الخاص تتصل بعدم تقديم فرص توظيف للمواطنين مساوية لتلك التي تحظى بها بعض الجنسيات، إلا أن إشكالات أخرى بدأت ترشح من خلال معاناة بعض الإماراتيين والإماراتيات الذين يضطرون تحت الحاجة للوظيفة، للقبول بأوضاع غير منصفة في العمل، حيث تتفاقم تلك الأوضاع وتتحول إلى شكل من أشكال التجاوز على القوانين، وهو ما يجب أن يتم التوقف عنده حتى لا يتحول إلى ظاهرة في المستقبل. مواطنة من إمارة الفجيرة تعمل في أحد المصارف منذ أربعة أعوام تقريباً وتواجه مشكلة في أنها تحصل على أدنى راتب يمكن لمواطن أن يتقاضاه في البنك، حيث أنها تحصل على 7600 درهم شهرياً منذ عينت وحتى اليوم، ورغم حصولها على ترقية اعترافاً بجهودها لكن دون أن ترافق الترقية أية زيادة مستحقة، ثم جاءت زيادة الرواتب لتشمل جميع موظفي البنك المواطنين عام 2009 دون أن تشملها أيضاً! علماً بأنها تحصل على راتب أقل من الدرجات الوظيفية الأقل منها في نفس الفرع، وجميع الموظفين المواطنين الذين التحقوا بالعمل في نفس العام شملتهم الزيادة، وهي التي حصلت على جائزة أفضل مقترح تطويري للبنك في عام 2010 وتم تكريمها من قبل المدير التنفيذي دون أن يتحرك وضعها مليميتراً. تقدمت بعدة شكاوى ووعدت بالزيادة أكثر من مرة وبمراسلات رسمية مصدقة وأيضا دون نتيجة.. حكاية تستحق صاحبتها المواطنة الإماراتية أن تجد من ينصفها، حتى لا تكبر كرة الثلج أكثر. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com