تملك الغضب العارم والألم كل من تابع التقرير الذي جاء ضمن نشرة “علوم الدار” من تلفزيون أبوظبي حول حادثة اعتداء ذئب بشري على طفلة بإحدى المدارس الخاصة في العاصمة، وكان الانفعال يبلغ مداه، والطفلة الضحية تروي بعفوية وبراءة الأطفال كيف لم يرحم الوحش الذي اؤتمن على هؤلاء الصغار توسلاتها وهو يجرها نحو مسرح جريمته وفعلته النكراء، أثناء الدوام المدرسي. وجلست تروي بينما كانت تلهو أمام كاميرا التلفزيون وقائع تلك اللحظات المؤلمة دون أن تدرك الجرح العميق والشرخ الكبير الذي سببه لها ولأسرتها ذلك الذئب الذي كان يحوم حول ضحيته في ذلك الحرم المدرسي الذي ائتمن أولياء الأمور بناتهم بين أسواره آمنين مطمئنين انهم في أيدٍ أمينة. ونحن نتعاطف مع أسرة الضحية وهي تتعايش مع ألم الواقعة، نحيي ايضاً شجاعتها في التواصل مع رجال الشرطة للقبض على الذئب البشري قبل أن يفتك بضحايا آخرين، وظهورها عبر التلفزيون، وهي تدعو من خلاله كل أسرة تعرض صغيرها أو صغيرتها للتحرش أو الاعتداء إلى عدم السكوت لما يتعرضون له جراء مثل هذه الاعتداءات التي تحرص أجهزة الدولة على التصدي لها بكل حزم وقوة. وقد جاء في هذا الإطار مشروع قانون حماية الطفولة الذي عرف بقانون وديمة، وهو في مراحل صدوره الأخيرة. لأن السكوت أو التساهل مع مثل هذه الجرائم من قبل الأسرة بذرائع وحجج واهية، يعني وقوع ضحايا آخرين، وترك المجرم يفلت من العقاب، ويواصل أفعاله الخسيسة الدنيئة. مجلس أبوظبي للتعليم، تحرك في ردة فعل مباشرة على الحادث، وقام بإلزام المدارس الخاصة بتركيب كاميرات مراقبة في أرجاء كل مدرسة لمتابعة ما يدور فيها، كما أمر بإبعاد العمال الذكور من مدارس البنات. وهي قرارات مهمة رغم أنها جاءت متأخرة، وتعكس حالة الفعل وردة الفعل التي تطبع أداء العديد من مؤسساتنا، عندما تقوم بما هو مطلوب منها متأخراً وبعد “وقوع الفأس في الرأس”. كما أن هذه الجريمة المؤلمة والبشعة بحق طفلة بريئة، وغيرها من الأطفال الذين نهشت براءتهم ذئاب بشرية تعيش بيننا، تدعونا مجدداً للتدقيق بصورة أكبر فيمن نختارهم للعمل في مدارسنا، والتدقيق في سجلاتهم وشهادات حسن السير والسلوك خاصتهم من بلدانهم الأصلية. فعدم وجود سجل محلي لا ينسحب بالضرورة على الخارج. كما يجب على كل أب وأم وولي أمر أن يتابعوا فلذات أكبادهم متابعة بمستوى الأمانة الموضوعة بين أياديهم. والى جانب ذلك التدقيق والإجراءات الاحترازية التي دعا إليها مجلس أبوظبي للتعليم، فإن العقوبات يجب أن تشدد وتضاعف بحق المدانين في قضايا الاغتصاب والاعتداء على براءة الأطفال. في بعض الدول الأجنبية تصل العقوبة في حدودها القصوى للإعدام، بينما تعتمد دول أخرى الى جانب أحكام بالسجن لمدد طويلة إخصاء المدانين، وغيرها من العقوبات المغلظة والمشددة بحق أشخاص تجردوا من أي مشاعر إنسانية، وتحولوا ذئاباً تطارد فرائسها لتنهش براءة طفل أو طفلة صغيرة، وتقضي على أحلام بريئة تحلم بغد أجمل، ومسؤوليتنا جميعا صون هذا الحلم الجميل، وهو من أبسط حقوقهم علينا. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae