من حق أي دولة مجاورة لدولة ذاهبة في النووي إلى أبعد زلزال أن تنادي بالصوت المرتفع بوضع الاحتياطات والأخذ بأسباب الحذر من أي تداعيات قد تصيب الدولة صاحبة “النووي” وما جاورها بأخطار ومآزق طبيعية كارثية لا تحمد عقباها. ودعوة دول التعاون ونداؤها إلى “الطاقة الذرية” بالسعي بجدية لمعرفة الآثار المترتبة على الزلزال الذي أصاب محطة بوشهر الإيرانية النووية، مسعى تفرضه الأعراف الدولية والقوانين والضوابط الأممية.. فإيران ليست أكثر تقدماً في التكنولوجيا النووية من روسيا والتي صعق العالم إثر حادثة تشيرنوبل المأساوية، ولاتزال آثارها النفسية والاجتماعية والطبيعية تخيم على تلك المنطقة وما حولها، لأن هذه الإشعاعات “العدوانية” عندما ينطلق عقالها لأي سبب من الأسباب، سواء للتخلف التقني أو لأسباب طبيعية لا تستطيع أي قوة في الأرض أن تردعها مهما بلغت هذه القوة من العنجهية والتزمت، فبإمكان إيران أو غيرها من سائر الدول أن تعتني بالطاقة الاستراتيجية، ومن حق إيران وسواها أن يدخل هذا المجال ولكن بعقلية العقل المفتوح، كما هو الفضاء العالمي دون تحيز للذات المتورمة ودون الإصرار على ما هو ضار. نحن جيران إيران وتربطنا بهذه الدولة العريقة علاقة تاريخية تمتد جذورها إلى قرون مضت وما يصيب إيران يصيبنا، والشعب الإيراني المسلم يهمنا أمره، كما يهمنا الحفاظ على حقوقنا الشرعية والتي من واجبنا الدفاع عنها، ومطالبة المجتمع الدولي بأن يتقصى حقائق ما حدث في بوشهر، فالإشعاعات النووية لا تميز صديقاً من عدو، ولا قريباً من بعيد، ونحن الأقرب إلى حدود إيران وتطلعات الدول الخليجية إلى بيئة طبيعية صافية، خالية من الغث والرث والعبث تفرض عليها الانتباه جيداً، وتسليط الضوء على كل ما قد يضر بمصالح شعوبها التي عاشت آمنة مستقرة، مطمئنة على مدى الدهر، وتريد أن تبني مستقبلها على أساس القيم العالية والشيم الرفيعة والعلاقات القويمة التي لا يشوبها دوي ولا نووي ولا ذوو أفكار تفوق المنطق الإنساني المبني على سلامة البيئة من سلامة صحة الإنسان وسلامة مصيره من عاتيات الزمن وعاديات الجغرافيا. ونتمنى على إيران أولاً وعلى العالم أن يتعاطى مع قضايا من هذا النوع بروح شفافة وضمير حي وعقل واعٍ، لأنه في النهاية مصلحة العالم مرتبطة في عروة وثقى لا انفصام لها ولا انفصال، وعقالها هو هذا خيط الحرير الذي يجعل الإنسانية تحت سقف خيمة واحدة، ولا أحد يستطيع أن يقول أبداً “إذا سلمت أنا وناقتي ما عليّ من رباعتي”، ومن يعِ مدى خطوة هذا الجحيم النووي، يعرف لماذا تطالب دول التعاون من الطاقة الذرية، عدم الوقوف مكتوفة الأيدي. علي أبو الريش | ae88999@gmail.com