كانت جل العروض السينمائية وقتها في الهواء الطلق، وفي الساحات العامة قرب البلدية، وكانت بعض شركات النفط العاملة تعرض أفلاماً، مثلما يفعل بعض المستشفيات الأجنبية، خاصة أن التلفزيونات كانت نادرة، والمحطات المحلية معدومة، والأجهزة التلفزيونية “أم عرشة وأريل” يظل واحد من أفراد العائلة على السطح دائماً، مهمته أن يدوّر ذلك الـ”بايب” المعدني، وهو يصيح:”ها.. صفا التلفزيون وإلا بعد”، ولا يرتاح ذلك المنادي إلا إذا جاء الصيف، وهبطت الرطوبة، حينها يمكن أن نلتقط تلفزيون البحرين وآرامكو وإيران والتي كانت في جلها مشوشة، ومرة تختفي الصورة، ومرة أخرى يختفي الصوت.
كانت الأفلام أكثرها بالأسود والأبيض، والأفلام الأجنبية ملونة بقدر، وتميل للون البني، ظلت تلك العروض السينمائية العسكرية مستمرة حتى وقت متأخر.
وبعد أن صارت في أبوظبي سينمات عدة مثل؛ سينما المارية المكشوفة، والتي هي الآن في موقعها، وكانت تعرض أفلاماً هندية في العموم، وسينما الفردوس المكشوفة والتي زالت، وكان موقعها بين طريق الميناء، وخاصرة طريق الكورنيش، وكانت تعرض الأفلام الإيرانية، فقد كانت في وقتها السينما الإيرانية مزدهرة، وتحاكي السينما في بوليوود أو هوليوود، ومن ثم بدأت تعرض أفلاماً صينية، كان جلها لـ”بروسلي”، وسينما الخضراء المغلقة، وكانت بين شارع حمدان وشارع خليفة، وكانت تعرض كل شيء، وفيها رأيت أول فيلم لمصاصي الدماء “دراكولا” في حياتي، يومها شعرت بالخوف، وحاصرتني أسئلة كثيرة، لم أجد أحداً باستطاعته أن يجيب عليها، وسينما الوطني، وكانت متذرية وغير مشهورة، حتى لم أعد أذكر مكانها بالضبط.
وفي العين كانت سينما الواحة في البداية، وكانت مكشوفة ومكانها في الشارع العام قبل دوار الساعة، عند ملعب البلدية القديمة، وكانت تحيط بها عرصة يعرض الباعة المتجولون فيها المشروبات وخفايف المعجنات، ومن ثم وبعد وقت طويل افتتحت سينما الجيمي المغلقة، وهي عند دوار الجيمي، كانت السينمات تعرض قبل “السامبل” أو ملخصات ما سيعرض من أفلام جديدة، شيئاً يشبه نشرة الأخبار التي كانت تصور بكاميرات “16 ملم” ويتبعها تعليق، وكانت نشرة الأخبار هذه عالمية، والأخبار فيها منذ شهور، ولكن لا أحد سمع عنها أو عرفها، ومرات تعرض أفلاماً وثائقية قصيرة عن الحروب والأزمات. وهكذا.. شيئاً.. فشيئاً غابت العروض السينمائية في الهواء الطلق، مثلما غابت الفرقة الموسيقية المصاحبة لعرض الفيلم من الصالات السينمائية، والمختصة بخلق التأثيرات الموسيقية على أحداث الفيلم، كذلك غابت السينما المفتوحة التي يمكنك أن تشاهد بها الفيلم من موقف سيارتك بعد أن تضع خرطوماً ينقل لك الصوت، وكذلك غاب مشغل السينما في تلك الغرفة الصغيرة الرطبة، وحضر الديجتال، وتقنيات الصوت والصورة الجديدة.


amood8@yahoo.com