أن تبكي الأزهار الندى ... وتشكو غياب المطر، فتلك حاله قد تبدو طبيعية ... أن يفترق الأحبة من بني البشر لسبب أو لآخر، فتلك لوعة ... ومرارة تصطك منها الأسنان وتذرف لها الدموع ... فكم بكت فتاة لفراق حبيب ... وكم منهم فقد رباطة جأشه وانهمر دمعه ... وكم بكت أم لفراق ابنها أو ابنتها ... وابن لفراق أبيه ... وأب لفراق أبنائه ... وأخ لأخيه أو أخته ويسير بنا ركب الحياة ونعايش الواقع الجديد رغم كبر الألم وننسى أو نتناسى ... وفي لحظات تأمل نعود من جديد ليعتصرنا الألم ... ويكبر ذلك الألم ... لدرجة أن يفوق الأحاسيس... وتتبلد المشاعر .. بل ربما تقسو لتواجه الم سياط الفراق وتكبح جماحه ... وربما تبقى ذكرى تؤلمنا فيجب ألا نستسلم ... وأن نجعلها كالأزهار التي وإن جفت وضاع عبيرها ولم يبق منها إلا الأشواك ... فلا ننسى أنها منحتنا عطراً جميلاً أسعدنا ... وأن نبقى على تلك الآلام كجسور مع من فقدناهم. ربما شاءت الأقدار يوما التلاقي، وتكون متكأ لحديث طويل عن لوعة الفراق وآلامه وصدق الأحاسيس والمشاعر، فإذا كانت رحلة الأيام التي كنا نعتقد أنها جميلة ... فمن يدري ربما تكون المقبلة أجمل أن نجعل في أيامنا جملة من الصور الجميلة لمن سكنوا القلوب يوما، ملامحهم وبريق أعينهم الحزينة ... وابتساماتهم في لحظة صفاء وتبرمهم في لحظه ضيق... والأمل الذي يكبر ويترعرع بعد أن كان قد ذبل ومات ... قصة شقيقين في ولاية مين الأميركية تبعث الأمل في نفوس أولئك الذين تسلل إلى قلوبهم اليأس وتؤكد أن الله قادر على كل شيء ... يقول ريتشارد واتروس 87 عاما إنه لا يزال يذكر كيف لوح بيده مودعا شقيقته دوريس عام 1931 التي كانت لا تزال في الرابعة من عمرها حين توفيت والدتهما يومها انفصل الشقيقان عن بعضهما وانتقل كل منهما للعيش مع الأسرة التي تولت رعايته. 80 عاما مضت على ذلك الوداع، لكن السنين لم تمنع الشقيقين من مواصلة البحث عن بعضهما إلى أن تمكنت دوريس قبل شهرين تقريبا من العثور على شقيقها بواسطة شبكة الإنترنت وتبين لها أنه يعيش في منطقة لا تبعد كثيرا عن منزلها في «ولاية مين» الأميركية وفي الأسبوع الماضي التقى الشقيقان للمرة الأولى بعد 80 عاما على ذلك الوداع أمام منزل الأسرة المفجوعة بموت الأم ... مصير الحي يتلاقى ولو بعد ثمانين عاماً. jameelrafee@admedia.ae