يُعرف عن الأوروبيين أنهم أشخاص عمليون وواقعيون، وقراراتهم مبنية على خدمة مصالحهم، لكن هذه الواقعية لا نراها في بعض المواقف والقرارات، ومنها زيادة تشددهم في منح تأشيرات الزيارة للسائح الخليجي كما حصل مؤخراً، بزيادة متطلبات الحصول على التأشيرة، بإضافة البصمة إلى شروط التقدم بالطلب. بصدق لا ندري ما المغزى من زيادة صعوبة الحصول على التأشيرة الأوروبية، وزيادة الإجراءات والمتطلبات حولها، خاصة أن هذا التشدد لا يوجد ما يبرره، لو ثبت أن السائح الخليجي يذهب لأوروبا من أجل الحصول على فرصة عمل أو الهجرة أو الإقامة بطريقة غير مشروعة، لوجدنا المبرر في زيادة القيود، لكنْ التجربة، وعلى مدار سنوات طويلة، أثبتت أن الخليجي سائح شبه مثالي، فهو كثير الإنفاق، متنوع في زياراته، ليس له مشكلات أو بمعنى أدق مشكلاته قليلة، فهدفه الأساسي من هذه الزيارات الترفيه والتسلية وقضاء إجازة سعيدة، بعيداً عن حرارة الطقس ودوامة العمل، وآخر ما يريده «الصدعة» ووجع الرأس. وبهذه المواصفات التي اختبرها الأوروبيون أكثر من غيرهم، من المفروض أن يكون السائح الخليجي محل طلب وليس محل تنفير. لا نختلف على أن الدول من حقها أن تنظم عملية الدخول إلى أراضيها بالصورة التي تراها مناسبة، وأن الهواجس الأمنية تلعب دوراً مفصلياً في منح التأشيرات، وقد أثارت «أعمال إرهابية»، تورط فيها بعض الخليجيين في وقت من الأوقات، بعض المخاوف تجاههم، لكنْ مع ذلك لا يمكن القياس على هذه الفئة الضالة، فليس معنى وجود أشخاص سيئين يعدون على أصابع اليد الواحدة، أن تتم معاقبة الجميع والتشدد معهم، علاوة على أن التجارب الطويلة للسائح الخليجي في أوروبا، وغيرها من بقاع العالم، تثبت أنه سائح لا خوف منه. والمفارقة أن هذا التشدد وزيادة الإجراءات يحصل في وقت يكثر فيه الحديث عن أن هناك تسهيلات قادمة في طريق الحصول على التأشيرات، ومنها الحديث الدائر حالياً حول «فيزا» بريطانيا بالعودة إلى النظام القديم، ومنحها بسهولة وبسرعة، ومن دون التعقيدات الحالية التي تتطلب الحصول على البصمة والصورة. يبدو للوهلة الأولى أن السائح الخليجي هو الخاسر من هذا التشدد في منح التأشيرات، لكن الصحيح أن الخاسر الحقيقي سيكون هم الأوروبيون أنفسهم، لأنهم سيفقدون سائحين مثاليين، يتمناهم أي بلد، صحيح أن عدد السياح الخليجيين يعتبر قليلاً إذا ما قورن بأعداد بقية السياح، وربما يعتبرون قطرة في بحر، لكن بحسب الإحصاءات فإن قيمة الفاتورة التي ينفقونها تزيد على 20 مليار دولار، وهو رقم ثقيل ليس من المنطق وضع العراقيل أمام وصوله، في وقت «تئن» فيه أوروبا و»تتوجع» من حدة التراجع الاقتصادي. salshamsi@admedia.ae