بلا أدنى شك تعتبر تأشيرات الدخول إلى الدول هي العائق الأول لصناعة السياحة، وهي أيضاً عامل الجذب الأول لصناعة السياحة. التأشيرات تكون عائقاً عندما تشترط الدول على جنسيات معينة تعتبر سوقاً سياحياً هاماً لها أن تحصل على تأشيرة دخول مسبقة قبل أن تسافر إليها، والتأشيرات تكون عملاً للجذب السياحي عندما تقرر الدول إعفاء جنسيات معينة من الحصول على تأشيرات مسبقة قبل السفر، وتقدم لها التأشيرات في المطار. هذه المعادلة الصعبة لا تتحكم فيها السياحة وحدها، ولكن تتداخل بين فيها السياحة والتجارة والعلاقات الثنائية، ومستوى التمثيل والوضع الاقتصادي وغيرها، ولو كانت السياحة هي المعيار الوحيد، لأصبحت دول العالم كلها بلا تأشيرات دخول مسبقة. هناك علاقة قوية بين تأشيرات الدخول والسياحة، فالسائح دائما ما يفضل الاجراءات السهلة والبسيطة، ويفضل الدول التي تمنحه تسهيلات في الدخول، وكذلك الدول تستطيع أن تجتذب السائح أو أفراد السوق السياحي بمنحهم تسهيلات الدخول. وهذه العلاقة أو المعادلة قد تكون مختلة في علاقة السائح الخليجي بشكل عام، والإماراتي بشكل خاص بالتأشيرة الأوروبية التي يطلق عليها «تشينجن». فالدول الأوروبية تسعى بكل الطرق وشتى الوسائل لاجتذاب السائح الخليجي أو الإماراتي، وهو بالنسبة لها سائح مهم، يسافر بشكل عائلي، ويقيم لفترات طويلة ويستهلك عدداً كبيراً من الليالي السياحية والغرف، وينفق بشكل على رحلته السياحية وعلى التسوق والشراء، وكلها عوامل مهمة تجعل الوجهات السياحية الأوروبية تحاول استقطاب السائح الإماراتي. ولكن على الجانب الآخر، لم تقدم هذه الدول او يقدم الاتحاد الأوروبي الجانب الآخر من المعادلة، فلا يزال الحصول على تأشيرة مسبقة لدخول الدول الأوروبية بالنسبة للسائح الإماراتي مطلوبا، ولا تزال الأوراق والإجراءات طويلة ومرهقة، ولا تزال الخدمة بطيئة وتتطلب أياما، رغم السعي الدؤوب من الهيئات السياحية على اجتذاب السائح الإماراتي. وربما هذا الخلل هو ما استدعى المفاوضات التي تمت مؤخراً لإعفاء السائح الإماراتي من تأشيرة الدخول الأوروبية، ومنطقياً أجد أن من حق السائح الإماراتي أن يحصل على هذه الميزة بعد سنوات طويلة أثبتت أنه سائح من نوع خاص في رقي التعامل والالتزام والتحضر، سائح قليل المشاكل، يحظى برعاية دولته في كل مكان وفي أي ظروف. وهو فرصة كبيرة لأي وجهة سياحية تستطيع أن تجتذبه، ويجب أن يقابل ذلك بمزيد من التسهيلات، وبالفعل وصلت المفاوضات إلى مراحل متقدمة، وتدعم الموافقة دول أوروبية ذات ثقل كبير، ولكن طبقاً لقانون الاتحاد الأوروبي لابد من موافقة باقي الدول. عندما يهل علينا الصيف، ونبدأ في تحديد وجهتنا السياحية الصيفية، وتبدأ رحلة الحصول على التأشيرة الأوروبية، يعود الحديث عن هذا الموضوع بين الناس، ويبدأ الجميع في سرد رحلة المعاناة مع التأشيرات. لقد حققت الخارجية الإماراتية شوطاً كبيراً في هذه القضية، ولكن طبقاً للمعادلة السياحية، أعتقد أننا يجب أن نحظى بتأييد بقية الدول الأوروبية، وأن تسير الأمور بسرعة أكبر. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com