يبدو أن على جمهور عريض من الرجال، أن يعيدوا التفكير في تلك القناعة السائدة، بينهم حول طبيعة المرأة العاطفية، الميالة للحديث والثرثرة والكثير من الشكاوى، واعتبار كل ذلك مدعاة للتندر والتشكيك في ملكاتها وقدراتها، لدرجة حرمانها من الكثير من الحقوق والمراكز بسبب عاطفتها الجياشة، عليهم أن يعيدوا التفكير في هذا الاعتقاد من باب العلم، وليس انصياعاً لمطالب حركات المساواة والتمكين.
إن هذه الطبيعة العاطفية الميالة للثرثرة والحديث المسترسل والواضح عن المعاناة والمشاكل، شكلت على الدوام الحصانة الأكيدة للمرأة ضد الأمراض والشيخوخة وأمراض الاكتئاب والميل للانتحار، هذا ما أكدته دراسة حديثة نشرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حيث تبين أن الصداقة الوثيقة القائمة على الإخلاص والثقة في محيط النساء تشكل دوراً حاسماً في ارتفاع معدل الصحة ومنسوب العافية النفسية.
من هنا، فعلى الرجل- الذي تؤكد الدراسات أنه الأقصر عمراً والأكثر عرضة للأمراض - أن يعيد النظر في قضية التعالي على التعبير عن مشاعره أسوة بالنساء اللائي يملن للحديث وإظهار مشاعرهن الأمر الذي يمنحهن فرصة جيدة للحصول على دعم المحيط ومواساة الصديقات، بينما ينعدم ذلك في محيط الرجال الذين- بحكم طبيعتهم- لا يبدون مشاعر الضعف والبكاء والشكوى والشعور بوطأة الظروف، حيث يلعب الموروث التربوي للرجل دوره في تكريس ذهنية خلاصتها أن إظهار العاطفة والشكوى نقيض للرجولة وانتهاك لها.
يقول علماء جامعة كاليفورنيا إنهم وبعد 50 عاماً من البحث والدراسة توصلوا إلى وجود مواد كيميائية يفرزها الدماغ، تساعد على صيانة أواصر الصداقة بين النساء، ما شكل مفاجأة حقيقية لفريق التجربة المكون من عدد من العلماء الرجال في غالبيتهم، خاصة أنهم وجدوا أن هرمون الـ أوكسيتوسين الذي يفرزه الجسم في أوقات الضغط يقلل من حدة الانفعالات العنيفة، ما يقود المرأة إلى الهدوء، بينما لا يحظى الرجال بهذه النعمة العظيمة لسبب علمي بحت، مفاده حسب التجربة أن هرمون التستيرون الذي يفرزه الرجل يقود مباشرة لإبطال مفعول ذلك الهرمون.
هذه نقطة تسجلها الطبيعة لصالح النساء اللواتي يتحملن علمياً وعملياً ما لا يستطيع أعتى الرجال احتماله،، مشاق الحمل والولادة والرضاعة وتربية الأطفال،، ومن ثم احتمال أعباء الأسرة كاملة والمنزل بكل استحقاقاته، إضافة إلى الواجب الأكثر قداسة تجاه السيد الزوج، ومع ذلك، فالمرأة هي الأكثر احتمالاً وصبراً والأقل تذمراً عند الشدائد، والآن تقول الإحصاءات إنها الأطول عمراً، والأكثر إحساساً بالسعادة والأقل ميلاً للانتحار.
العلماء - حسب الدراسة - يؤكدون أن عالم الصديقات اللواتي يحطن ببعضهن في كل الأوقات يشكل دعامة رئيسية لحدوث ذلك، كما أنهن يخففن من حدة الإصابة بأمراض خطيرة كضغط الدم، والكوليسترول والأمراض المرتبطة بهما، ما يفسر نظرية أن النساء يعشن عمراً أطول من الرجال، فالرجل يظل متشبثاً بوهم الصلابة حتى الموت، بينما تهمة العاطفة التي تعير بها المرأة دائماً اتضح أنها طوق نجاة حقيقي أثبته العلم هذه المرة.
أكدت الدراسة أيضاً، أن المرأة كلما أحاطت نفسها بصديقات أكثر، مخلصات ، زادت مقدرتها على الصمود طويلاً في اللحظات القاسية والعصيبة التي تمر بها مثل أوقات فقد الزوج أو وفاة الوالدين مثلاً، إنها تتفاعل مع الحدث وتبدي ضعفاً واضحاً، لكنها لا تقع في المرض والكآبة والإدمان مثل الرجل بسبب الصديقات المخلصات والداعمات عند الشدائد.
صديقاتي أنتن المصدر الحقيقي لقوتي، وعافيتي وللكثير من السعادة والصحة اللتين أتمتع بهما، فشكراً لكن، أما أنت عزيزي الرجل، ففكر قليلاً في قناعتك أن عاطفة المرأة عيب شرعي يستدعي السخرية،، على الطالعة والنازلة – حسب المثل الشعبي - !!




ayya-222@hotmail.com