مساء الأربعاء الماضي كنت أتابع قناة “دويتشه فيلا” باللغة العربية، وكان الخبر الأول للقناة الألمانية الرسمية عن الرئيس الألماني كريستيان فولف، وهو يتوجه إلى مقر واحدة من أقوى الشبكات التلفزيونية الخاصة في بلاده، ليعترف بخطئه في الاتصال برؤساء تحرير عدد من الصحف، للتخفيف من حدة انتقاداتهم له على خلفية قرض شخصي كان قد حصل عليه بشروط ميسرة لبناء منزله الخاص. ورفض فولف دعوات المعارضة للاستقالة من منصبه مشدداً على نيته إكمال ولايته.
وتناول في حديث مع القناتين الأولى “أي آر دي” و”زد دي أف” ملف القرض الذي تلقاه من أحد المستثمرين، واعترف في حديثه بأنه “ارتكب أخطاء في التعامل مع هذه القضية”. وحاول أن يبرر ذلك بسرعة عملية الانتقال من المنصب الذي كان يشغله كرئيس وزراء لولاية سكسونيا السفلى، إلى العاصمة برلين رئيساً للبلاد. وقال إنه كان عليه أن يتعلم الكثير خلال فترة وجيزة. واعترف فولف بأخطاء ارتكبها في تعامله مع الإعلام بهذا الشأن، خصوصاً فيما يتعلق باتصالاته الهاتفية مع بعض دور النشر والصحف فيما يتعلق بنشر تقارير تخص قرضه الشخصي المثير للجدل.
ومما زاد الضغوط على فولف في قضية الحصول على قرض بشروط تفضيلية من اثنين من المتعهدين الأثرياء. أن صحيفة “بيلد” الشعبية واسعة الانتشار، وتعد أقوى صحيفة يومية أوروبية بقرائها البالغ عددهم 12 مليوناً، أعلنت أنها تعرضت لمحاولات ترهيب من الرئيس لطمس الفضيحة. وقال فولف في حديثه التلفزيوني مبرراً أفعاله إن “حقوق الإنسان تشمل حتى الرئيس الاتحادي”. وأكد في سياق تبريره لاتصالاته الهاتفية ببعض رؤساء تحرير الصحف، أنه حاول فقط تأجيل نشر تقرير عن ملف بناء منزله الشخصي في هانوفر لأسباب تتعلق “بشؤون عائلته”. وأوضح بأن مكتب المحاماة الذي يمثله “تلقى حوالي 400 استفسار وسؤال من قبل صحفيين مختلفين. وتمت الإجابة عنها بشكل كامل وشامل”.
وأعلن أنه سيقوم بنشر كل المعلومات التي تهم الرأي العام على موقعه الرئاسي على شبكة الإنترنت. وقال فولف إنه ورغم الأخطاء غير المقصودة التي ارتكبها يشعر بوقوف المواطنين إلى جانبه، الذين يرغبون في بقائه في منصبه رئيساً للبلاد. وقال إنه لا يفكر بالاستقالة، ويريد أن يكمل فترة ولايته.
مصداقية مؤلف كتاب “الحقيقة هي الأفضل”، اهتزت بشدة ليس فقط من جراء “القرض الميسر”، وإنما بعد الكشف عن اتصالاته برؤساء التحرير للتأثير على تناولهم الإعلامي للقضية.
أحزاب المعارضة اعتبرت أن فولف تحول إلى مشكلة لمستشارة البلاد أنجيلا ميركل التي طالبوها بتحديد موقفها من فولف، خاصة وأنها هي التي رشحته للمنصب.
ورأت بعض هذه الأحزاب أن حديث الرجل مع التلفزيون “لم يحرره من الشكوك التي تحوم حول الثقة به كرئيس للبلاد”. وقالت غزينا لوتسش المعارضة الألمانية البارزة ورئيسة حزب رئيسي إن “علاقة فولف بالصحافة لا تبدو سليمة”.
وبعد قصة الرئيس الألماني الذي أصبح في مهب الريح، لا أقول إلا كان الله في عون رؤساء تحرير الصحف العربية.


ali.alamodi@admedia.ae