يصف الكثيرون من أبناء اللغة العربية لغتهم بأنها معقدة في «نحوها» المتشعب والواسع والصعب، من نصب ورفع وجر، والتقدير محلاً، والكسرة عوضاً عن الفتحة، وثبوت النون وحذف حرف العلة؛ وإلى ما هنالك من التشعبات صعبة الإدراك والفهم حسب قولهم، وهناك نسبة كبيرة جداً لا يستهان بها من الأبناء العربية يحبون اللغة كشعر وخطابة، ويكرهونها كقواعد، أو نحو. قد تبدو اللغة العربية لغة معقدة وصعبة نحوياً، ولكنها سهلة ممتنعة، يمكن أن تكون كالماء السلسبيل، إذا كانت البداية في تعليمها صحيحة وفق طرق تدريس علمية، ولم تصل إلينا على هذه الصورة الناصعة إلا بجهود النحويين من الأجداد الذين فصّلوا فيها ومنعوا أن يدخلها التحريف، وقد عملوا بإخلاص على وضع علم النحو كركيزة أساسية لفهم المعنى، إذ لا يمكن فهم المعنى دون معرفة النحو. لم يتفق الناس على القصة التي جعلتهم يفكرون في هذا علم النحو، ولكن القصة الأشهر هي أنّ أبا الأسود الدؤلي مرّ برجل يقرأ القرآن الكريم، فقال: «إن الله بريء من المشركين ورسوله»، كان الرجل يقرأ (رسولِهِ) مجرورة أي أنها معطوفة على (المشركين) وهذا يُغير المعنى؛ لأن (رسولُه) مرفوعة لأنها مبتدأ لجملة محذوفة تقديرها (ورسولُه كذلك بريءٌ)، فذهب أبو الأسود الدؤلي إلى علي رضي الله عنه وشرح له وجهة نظره - أن العربية في خطر - فتناول علي رضي الله عنه رقعة ورقية وكتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم.. الكلام اسم وفعل وحرف.. الاسم ما أنبأ عن المسمى.. والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى.. والحرف ما أنبأ عن ما هو ليس اسماً ولا فعلاً. ثم قال لأبو الأسود: «انحُ هذا النحو». ويروى أيضاً أن علي بن أبي طالب رضي الله وأرضاه كان يقرأ رقعة فدخل عليه أبو الأسود الدؤلي، فقال له: ما هذه؟ قال علي رضي الله: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة الأعاجم، فأردت أن أصنع (أفعل) شيئاً يرجعون إليه، ويعتمدون عليه. ثم قال لأبي الأسود: «انحُ هذا النحو». وكان يقصد بذلك أن يضع القواعد للغة العربية. وروي عنه أن سبب ذلك كان أنّ جارية قالت له: (ما أجملُ السماء؟) وهي نَوَت أن تقول: (ما أجملَ السماء!). فقال لها: (نجومها!) ? طرفة بن العبد: ولا تَذكُرِ الدّهْـرَ، في مجْلِسٍ حديـثـــاً إذا أنــتَ لـم تُحصـهِ ونُـصَّ الحديـــثَ إلى أهلِـهِ فـــإن الوثيقـــة َ فـــي نصـــهِ ولاتحـرصَــنّ فــرُبَّ امــرئٍ حَريـصٍ، مُضــاعٍ علـى حِرصِــهِ وكم مِن فَتًى، ساقِطٍ عَقْلُـهُ وقد يُعْجَبُ الناسُ من شَخْصِهِ لبِسْـتُ اللّيالي، فأفْنَيْنَنـي، وســربلَني الدهــرُ فـي قُمصــهِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae