أن تتواصل لديك بطولة تشارك فيها أكثر من 50 دولة حول العالم، وتبلغ اليوم عامها الخامس، فلابد أن عملاً كبيراً وضخماً يحدث على أرض الواقع، وأن يزيد العدد من الأبطال في كل مرة، فهذا يعني أنك تسير في الطريق الصحيح، وأنت تطور ذاتك مستغلاً وجود هذا الحشد من الأبطال، وتتقدم على سلم الميداليات، عاماً بعد عام، فأنت ببساطة تحقق كل الفوائد الممكنة، وتحوز المجد من أطرافه. اليوم، تعود إلينا بطولة العالم لمحترفي الجو جيتسو في عامها الخامس، وقد ازداد ارتباطها بأبوظبي، وزاد التأكيد بلا جدال على أن عاصمة الإمارات أصبحت بالفعل هي العاصمة العالمية للعبة، بعد أن اخترناها واختارتنا، ووجدت على أرض الإمارات، ربما ما لم تجده في بلاد المنشأ والانطلاقة، البرازيل واليابان ومعهما أميركا، فلم يوفر لها أحد ما وفرناه نحن، ولم يحتضنها أحد مثلما احتضناها، فقد حلت عزيزة على مدارسنا، يدرسها الناشئة، واتسعت قاعدتها لتقارب على الـ30 ألف طالب، يمثلون أكبر قاعدة لأية رياضة في الإمارات. ولا شك أن ما فعلته الجو جيتسو، ما كان ليحدث لولا دعم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو دعم رفيع لم يُختزل أبداً في المال لأن المال وحده لا يصنع البطولة ولا يربي الأجيال، لكن سموه قال منذ سنوات وحينما كانت اللعبة تتلمس معالم الطريق هنا، إنه شخصياً يمارسها كرياضة بدنية وذهنية، ويومها أطلق الأمنية التي صارت بعد ذلك أمنية لجيل ناهض، تلقف الهدية بشغف، وسار يسطر تاريخاً جديداً لرياضة، بدأت فتية قوية على أرض الإمارات. اليوم، تعود البطولة في عهد اتحاد للعبة تم تشكيله برئاسة عبدالمنعم الهاشمي، وبعد سنوات ظلت خلالها تابعة لاتحاد المصارعة والجودو برئاسة محمد بن ثعلوب، والذي سقى الثمرة عملاً وجهداً وإخلاصاً، فلما آن أوان استقلالها لتنطلق وحدها، أُوكلت المهمة إلى الهاشمي ورفاقه ليستكملوا المسيرة التي بدؤوها والتي كافحوا كثيراً من أجلها، وهذا يعني أن النسخة الخامسة للبطولة هي الأولى في عهد الاتحاد الجديد، ومثلما ستؤرخ للاتحاد، سيؤرخ الاتحاد لمسيرته معها، وإن كان قد نظم الكثير من البطولات قبلها، سواء على صعيد الخليج أو العرب أو آسيا، وكلها رافقها النجاح، لكن لا شيء مثل درة البطولات التي تنطلق اليوم ومعها تتركز كل أضواء العالم صوب أبوظبي. تعجبني جداً، فكرة أن تبدأ البطولة العالمية بكأس العالم للأطفال، والتي تشهد هذا العام مشاركة 650 ناشئاً من الإمارات والعالم، فقد اعتدنا في رياضات كثيرة أن تكون المواهب في الظل، وربما تكتفي بالفُرجة على الكبار، لكن اتحاد الجو جيتسو ولأنه ينطلق من رؤى ثابتة وواعدة، تطل على المستقبل بذات العين التي تطل بها على الحاضر، أراد أن يبدأ البطولة بأن يتفرج الأبطال على الصغار، وأن يروا مقدماً ملامح مستقبل يشكله هؤلاء الصغار، وبعد تلك الافتتاحية، تصبح الفرصة مواتية أمام الناشئين، ليطلعوا على خبرات الكبار من المحترفين، وهذه الرسالة وحدها تكفي، لأنها مبدعة، ولأن ما بين سطورها يؤكد أن الجو جيتسو الإماراتي يسير على الطريق الصحيح.. بل إنه ربما يكون قد رسم طريقاً للبقية. كلمة أخيرة: للبناء سبيل واحد .. القاعدة المتينة تحمي الصرح من الانهيار. mohamed.albade@admedia.ae