لابد من وقفة جادة لإعادة ترغيب المواطنين الذكور في مهنة التعليم، وتوفير المحفزات الجاذبة لهم في تلك المهنة، وتشجيعهم من المرحلة الثانوية، من خلال ترغيبهم في التخصصات المطلوبة في سوق عمل مهنة التدريس، وذلك على حسب أولويات القطاعات التعليمية في الدولة. وبحسب بعض المعلومات أن عدد الطلاب المقيدين في كلية التربية لا يتجاوز الـ 4 أشخاص فقط، وذلك مؤشر خطر وأمر غير سار، ولا يبشر بمستقبل واعد للأجيال المقبلة التي نرغب أن تنهل العلم من مدرسين أكفاء وقادرين على تأسيسهم بالشكل الصحيح الذي تتطلع إليه الدولة. قد نتفق على المعوقات التي تواجه هذه المهنة والمسببات التي تنفر الذكور المواطنين من العمل في التدريس، وهي تختلف من حالة إلى أخرى، ولكن لم نلمس إلى الآن من يضع اليد على الجرح، ويبدأ بوضع الحلول الجدية والجاذبة للمواطنين لتلك المهنة الرفيعة التي شرّفتها المجتمعات والأمم المتقدمة لما وجدوا فيها من نجاح تحقق، ومجتمع يتقدم، وعقول جديدة يتم إنتاجها لخدمة البشرية. لاشك أن هناك جهوداً تبذلها الجهات المسؤولة عن قطاع التعليم لتعزيز هذه المهنة في المجتمع وجذب الكوادر المواطنة لها، وكل تلك الجهود تتطلب منا الوقوف على تحقيقها، والسعي لجذب الطلاب وتوجيههم نحو التخصصات التي تخدم هذه المهنة، من خلال إيجاد الرعاية اللازمة للطلبة المتخصصين في التربية، وتوفير المكافآت والحوافز لهم في وقت مبكر لهم حتى نستطيع أن نضمن عملهم في هذا القطاع، وعدم اتجاههم للقطاعات الأخرى التي يجدون فيها ضالتهم، وما يطمحوا أن يحققوا على المستوى الفردي. أذكر حينما كنت في المرحلة الثانوية حظينا بأحد المعلمين المواطنين الذي كان مثالاً يحتذى في الجد والاجتهاد ساعياً بكل ما أوتي أن يوصل المعلومة الصحيحة للتلاميذ، ومنح ذلك المعلم شهادات تقدير عدة من المنطقة التعليمية على الجهود التي يبذلها من أجل مهنته، وظل ذلك المعلم معروفاً لدى جيل كبير من الشباب الذين درسوا على يده، وبعد سنوات وجدته في إحدى الدوائر الحكومية يعمل في إحدى القطاعات بدرجة رئيس قسم بوظيفة خدمية وسألته مندهشاً عن ذلك التغير؛ فأجابني "طلابي وصولوا لمراتب عليا وأنا مازلت على الدرجة نفسها في التدريس، فوجدت ضرورة تغيير الوظيفة لأستطيع أن أصل لما وصلوا إليه". قد يكون ذلك حقيقة مرة يتجرعها من يعمل في قطاع تكون الترقيات فيه معدودة، فحتى ذلك المعلم يعيش في مجتمع ينمو ويتطور كل من حوله فلابد من إيجاد الوسائل التي تجعله يحصل على المزايا مثل بقية القطاعات إن لم يكن أفضل منهم. حتى أصبحنا نرى المعلم المواطن عملة نادرة. halkaabi@alittihad.ae