قيل قديماً: النــاس كالأرض ومنهــا هــم فمن خَشــنِ الطبــع ومن ليِّنِ فجنــدلٌ تدمـــى بـــه أرجــلٌ وإثـمــــدٌ يـُوضــع في الأعــينِ القارئ لهذه الأبيات الرائعة يستشف معاني في منتهى الحكمة والبراعة في تصوير ووصف طباع البشر باختلاف تعاملاتهم، فمنهم حاد الطبع، ومنهم كالبلسم والنسيم العابر، ولو أيقينا بديهيا أن للتعامل مع المحيطين فنوناً وطرقاً للتعامل معهم لكنا أكثر الناس راحة وهدوء بال. وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودٌ مجندةٌ، فما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف»، «وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب». وهنا نؤمن بأن الله خلق الناس مختلفو الطبائع والرغبات والميول، ومسألة التعامل معهم كبيرة جداً، وهناك معاهد ودراسات وبحوث نفسية واجتماعية أقيمت للتعرف إلى طبائع البشر، والتدرب على مهارات التعامل معهم، تُعنى بنقاط عدة، بينها كيف يتحدث الإنسان؟ كيف يكسب الثقة بنفسه؟ كيف يكون لبِقاً في الحديث مع الناس؟ كيف يتعامل بآداب ومنهجية سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وماحثنا عليه ديننا الإسلام. وفي النهاية لنحرص على أسلوبنا في التعامل والحديث، فكل ما ننطق به يعبر عن شخصيتنا، ولا شك في أن الكلمة التي ينطق بها المرء عندما يقابل شخصاً، ويتحدث إليه، تخلق انطباعاً وأثراً بعيد المدى، فلا بد أن يكون هناك مناخ مناسب للحديث، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سباقاً في هذا والدعوة إليه (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم)، أي بما يتناسب مع ظروفهم وثقافتهم وبيئتهم. فكما نعلم أن هناك مداخل كثيرة لعقول وقلوب من حولنا يمكن من خلالها كسبهم ولو كانوا مختلفي الطباع، ولكن تظل المفاتيح واحدة، أهمها احترام وتقدير الآخرين، وللأسف الشديد يهتم الإنسان دائماً بصاحب المنصب والمهم، ويقلل هذا الاحترام ذاته مع الآخرين العاديين. المفتاح الثاني لكسب العقول قبل القلوب هو فن التسامح، كن متسامحاً، وابحث العذر لطرفك الثاني، فكيف تلوم الناس على أخطاء يمكن أن تقع أنت فيها، ولِمَ ترى أخطاءك صغيرة وتجد لها أعذاراً وأخطاء الآخرين كبيرة ولا تغتفر؟. المفتاح الثالث افهم وجهة نظر الشخص الآخر، وكن على يقين بأنك اذا استخففت بآراء الآخرين بإنك تدفعهم الى المقاومة ولو كان رأيهم غير صحيح. المفتاح الرابع ابحث عن العوامل المشتركة مع من حولك، وانطلق ولا تقف عند نقطة الاختلاف وتتأخر. المفتاح الخامس اثن وامدح بالشكل المنطقي من حولك، فمهما كانت شخصيتهم سيئة لا بد من وجود خصائل جميلة قد تكون هي معبرك للطريق إلى قلوبهم، أخيراً وليس آخر، الابتسامة، اجعلها رسالة تواصل مع كل لغات العالم، لأنها عبارة لا تحتاج إلى الترجمة. ? Maary191@hotmail.com