يتابع المرء بالكثير من الفرح والفخر والاعتزاز، التفاعل الشعبي الواسع مع المبادرة الطيبة، والسنة الميمونة التي سنها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وانطلقت مع أفراح آل نهيان بزفاف الشيخ ذياب بن محمد بن زايد، والشيخ زايد بن سعيد بن زايد، وتواصلت الأسبوع الماضي في حفل زفاف الشيخ عمر بن زايد آل نهيان، بإقامة عرس جماعي للعشرات من أبناء هذا الوطن، وإلغاء مآدب الطعام والاكتفاء بتقديم الفوالة، وذلك في مبادرة لتعزيز رسالة سامية للتخفيف من أعباء وتكاليف الزواج، والتي كان القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه قد حذر من تداعياتها مبكراً، وقدم تجربة غير مسبوقة بإنشاء صندوق الزواج، وإقامة قاعات الأعراس، ولا زلنا نتذكر القاعة الكبرى التي كانت تحمل اسمه بأبوظبي قرب جسر المقطع، قبل أن تتوسع الفكرة وتقام قاعات مماثلة في المشرف والوثبة والشهامة وسويحان وغيرها من المناطق.
التفاعل الشعبي الواسع مع المبادرة، وسرعة الاستجابة التي تجسدت في إعلان شيوخ القبائل وأعيان البلاد الالتزام بها في كل الأعراس المقبلة، مثل صورة من صور التسابق العفوي لأبناء الإمارات للتعبير عن التفافهم حول قيادتهم، وتكريس التلاحم الوطني والمجتمعي الذي تشهده وتعيشه البلاد. لم يكن هناك قرار أو مرسوم بالأمر، فقط هناك مبادرة طيبة وسنة جميلة لصالح المجتمع وأبنائه، حرص الجميع للاستفادة منها وتطبيقها لصالح هدف نبيل وجميل، يتلخص في التخفيف من أعباء تثقل كاهل كل مقبل على الزواج وبناء أسرة جديدة تضيف لبنة جديدة للبنات هذا الصرح الشامخ.
أيقظت هذه المبادرة الجميلة في دواخلنا الكثير، لما فعلته آثار وسلوكيات الاهتمام بالمظاهر، وما ترتب عليها من إسراف وهدر، ليس في الطعام فحسب، بل في نفقات الحفلات والقاعات.
وتابعت ذات مرة “سيناريو” لأحد منظمي الأفراح يحدث به “عريس المستقبل” عن”دخلة العروس” إلى القاعة بتكاليف قاربت الثمانين ألف درهم، فخيل لي أنه يتحدث عن إخراج “ فيديو كليب”، وليس عرساً الغاية منه فرحة الأهل والخلان بعريسهم وبناء أسرة جديدة، يفترض أن تكون سعيدة، لا أن يكون بطلها أسير كوابيس دائمة جراء التكاليف الباهظة التي تكبدها من أجل حلمه في الزواج وبناء أسرته الخاصة.
الاتحاد النسائي والجمعيات النسوية بدورها مدعوة لتلقف المبادرة الكريمة للتخفيف من تكاليف حفلات الزواج بتشجيع المرأة على مواكبة هذه التوجهات، وجعل الأعراس بسيطة ومفرحة في الوقت ذاته، بالتخلص من كل تلك المظاهر والقشور التي لا تقدم أو تؤخر من الرسالة السامية لهذا الارتباط والنسب، وليتذكرن بأنه لن يصمد في معترك الحياة، إلا الارتباط القائم على التفاهم والمودة والإخلاص، بعيداً عن ذلك الانشغال بحجم “البوفيه” أو قائمة الطعام أو دخلة و”كوشة” العروس. ومن هنا نتمنى أن نشهد حملات لهذه الجمعيات من أجل نشر أهداف وغايات وممارسات المبادرة الطيبة في حفلات الزواج لدى الأوساط النسائية، ومحاربة مظاهر البذخ والتبذير والإسراف، ودامت الدار عامرة بالأفراح والمسرات.



ali.alamodi@admedia.ae