سأبدأ العمود هذه المرة بالقصة بشكل مباشر ومنها سيستدل القارئ المغزى والشاهد من الحكاية ..جاء صبى يسأل موسى أن يغنيه الله... فسأله موسى هل تريد أن يغنيك الله... في اول 30 عاما من عمرك... أم في الـ 30 عاما الأخيرة...؟ فأحتار الصبي وأخذ يفكر ويفاضل بين الاختيارين ثم استقر اختياره على أن يكون الغنى في أول 30 عاما من عمره، وكان سبب اختياره أنه أراد أن يسعد بالمال في شبابه.. كما أنه لايضمن أن يعيش إلى الـ 60 من العمر، ولكنه نسي ما تحمله الشيخوخة من ضعف وهزال ومرض. ودعى موسى ربه فاستجاب على أن يغنيه فى أول 30 عاما من عمره..... واغتنى الصبي وأصبح فاحش الثراء.... وصب الله عليه من الرزق الوفير وصار الصبي رجلا.. وكان يفتح أبواب الرزق لغيره من الناس... فكان يساعد الناس ليس فقط بالمال، بل كان يساعدهم في إنشاء تجارتهم.. وصناعاتهم وزراعاتهم.. ويزوج غير القادرين ويعطي الأيتام والمحتاجين..وتمر الـ30 عاما الأولى وتبدأ الـ 30 عاما الأخيرة..وينتظر موسى الأحداث.!!؟؟ وتمر الأعوام.. والحال هو الحال !! ولم تتغير أحوال الرجل....بل ازداد غنى على غناه فاتجه موسى إلى الله يسأله بأن الأعوام الـ 30 الأولى قد انقضت... فأجابه الله : وجدت عبدي يفتح أبواب رزقي لعبادي... فاستحيت أن أقفل باب رزقي عنه.... من هذه القصة نرى ان السبب الرئيسي في سعة الرزق واستمراره حبه للغير كحبه للنفس واعانة الفقير والمحتاج بمختلف فئاته، ناهيك عن التوكل على الله في بادئ الامر وايمانه ويقينه بأن الرزق بيد الله وحده. وكما يعلم الجميع أن هناك أسبابا كثيرة تجلب الرزق وتوسعه أهمها صلة الرحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثره، فليصل رحمه) رواه البخاري. ومن أسباب الرزق أيضاً، الإنفاق في سبيل الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى ( يا ابن آدم أنفِقْ أُنفِقُ عليك) ولا تنتهي مفاتيح الرزق عند هذا الباب بل يفتح له باب آخر وهو الإحسان إلى الضعفاء والفقراء وبذل العون لهم، فهذا سبب في زيادة الرزق وهو أحد مفاتيحه،( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم). وكما يعلم الكثيرون أن من مستجلبات الرزق، المهاجرة في سبيل الله، والسعي في أرض الله الواسعة، فما أغلق دونك هنا، قد يفتح لك هناك. واخيرا من أراد سعة في الرزق وامتدادا له، ماله الا الاستغفار فاذا استغفرت الله فأنت قد علمت أن لك رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب فخفت واستغفرت وقد وعدك ووعده الحق، فقال: استغفروا ياعبادي، وسأغفر لكم وباستغفاركم، سأرسل السماء عليكم مدراراً حتى ترتووا وترتوي دوابكم ومن يحب المال فسأمده بالمال وليس المال فقط، من يحب البنين فسأمده كذلك بالبنين وليس بالبنين فقط، ومن يحب الأراضي والأملاك والمزارع والجنان، والعقار فكل ذلك مرتبط بالاستغفار. مريم الشميلي | Maary191@hotmail.com