منذ عشر سنوات تقريبا كنا نجلس في أحد المقاهي مع عدد من الزملاء متجمعين لمراجعة إجابات امتحان إحدى المواد التخصصية في الجامعة، إذ بنبرة خفيفة لعامل آسيوي بسيط يحمل حقيبة يسألنا «أرباب يريد يشتري ساعة ماركة؟» الشباب بطبيعة الحال يبحثون عن الفرصة للهروب بالسوالف خارج الدروس والامتحانات والبحوث، ويتهافتون على المواقف المضحكة والساخرة التي تجعلهم يقهقهون لساعات طويلة بعد «تعليقاتهم» الظريفة على أي موقف يمر عليهم، ووافق الشباب وأجلسوا البائع الذي يدعى «خليل» بينهم لمعرفة ما يوجد في الحقيبة؟ فرح البائع وفتح حقيبته، وطلب من النادل «شاي كرك»، واستخرج ساعات وأقلام ومحافظ جميعها من الماركات القيمة والمعروفة بأسعارها الباهظة، وعرضها علينا للبيع بأسعار زهيدة، ويقول المثل من «طمع طبع» وقمنا بالمساومة لشراء الحقيبة بما فيها بـ 1500 درهم فقط، على أساس أننا أذكى منه لأنه لا يعرف قيمتها. وعلى سبيل المثال يوجد في الحقيبة ماركة من الساعات كانت تعرض للبيع بسعر 18 ألف درهم يطلب فيها هو 100 درهم فقط، ما جعل لعاب الشبيبة يسيل أمام تلك الماركات المتعددة إلى أن وصلت بهم الحال إلى أنهم ساوموهم على شراء الحقيبة بما فيها، البائع من دون تفكير وافق على الفور وترك الحقيبة بما فيها وأخذ القيمة المتفق عليها وغادر المكان وهو مسرور. المهم لم نكن نعرف قصة «التقليد» ولم نكن نسمع عنه أيضا، فجمعنا تلك الساعات الموجودة في الحقيبة وذهبنا بها للمحل الأصلي الذي يبيعها، وتفاجأنا بالبائع يسأل من أين لكم هذا؟ فخفنا أن يكون «خليل» سارقا. وأجبت صاحب المحل لماذا السؤال؟ ورد علي «تلك البضاعة «مقلدة»، لم يكن وقتها قصة التقليد دارجة في الأسواق، والتي تباع بواحد بالمائة من سعرها الأصلي، إلا أنه أكد لي أن الساعة مقلدة، ما دفعني للبحث عن ذلك «البائع» للنيل منه كما نال منا وباعنا بضاعة مقلدة للماركات.وبعدها بأيام التقيت بـ «خليل» وبحقيبة مختلفة، فقال لي «أرباب ليش زعلان نفرات يشتري ساعة بـ 20 ألف وأنت يشتري بـ 200 درهم سيم سيم ما في خوف ما في نفر معلوم تقليد». «تاجر الشنطة» أصبح اليوم يمتلك محلا، وأطلق على نفسه خليل جاليري ويبيع ويشتري بالتقليد ونحن يا غافلين لكم الله تذكرت وقتها كيف كنا «سذجا»، لم فكرنا في النصب عليه بشراء جميع محتويات شنطته بـ 1500 على الرغم أنها لم تكن تسوى سوى 500 درهم فقط. بعدها بسنوات بدأت الجهات المختصة تتنبه إلى ضرورة وقف المنتجات المقلدة ومحاربتها أولا لرداءتها وعدم جودتها، وثانيا لأنها تنافس الوكلاء والتجار المعتمدين بتجارة مقلدة، إلا أن صاحبنا «خليلوه» فتح محلا وتحولت تجارته من حقيبة إلى محل مرخص، و«عقبال المول». halkaabi@alittihad.ae