أجد نفسي متعاطفاً مع هيئة الإمارات للهوية، وهي تنفذ هذا المشروع الوطني الكبير، وتسابق الزمن حتى يكون الإنجاز بمستوى طموح الوطن والقيادة الحكيمة لإمارات المحبة والوفاء، وما يعول عليه من أهداف للتسجيل في السجل السكاني واستخراج بطاقة “الهوية”. فالهيئة قطعت شوطا كبيرا في رحلة الإنجاز، وهي تطور إجراءاتها بدءاً من لحظة التسجيل لدى مكاتب الطباعة وعملية طباعة البطاقة وتسليمها، لتختفي تلك الطوابير الطويلة التي كانت تظهر عند مراكز التسجيل مع بداية إطلاق المشروع قبل عدة سنوات.
ولكن هذه الطوابير ظهرت مؤخرا عند مكاتب البريد التي تظل خالية تماما من حشود تتشكل مع اقتراب نهاية مهلة كل شريحة من الشرائح التي حددتها الهيئة، وفق جداول محددة مسبقا، ونظمت أكثر من حملة توعوية ضخمة للفت أنظار هذه الشرائح التي يصر سواد عظيم منها على انتظار اللحظة الأخيرة، فإذا ما تجاوزته، بدأت في إطلاق التظلمات والمناشدات لإعفائها من رسوم التأخير المحدد طبقا للوائح وقرارات من مجلس الوزراء الموقر.
وأجد نفسي متعاطفا كذلك مع “بريد الإمارات” الذي لا يزور مكاتبه أصحاب هذه البطاقات إلا في اللحظة الأخيرة أو عند شعورهم بالحاجة لتلك البطاقة لإنجاز معاملة ما، وإلا كيف نفسر وجود 84 ألف بطاقة هوية جاهزة للتسليم في مركز بريد الإمارات في إمارة دبي فقط، مر عليها أكثر من 90 يوما، ومع هذا لم يحضر أصحابها لاستلامها ؟! ولنتخيل الموقف مع إرسال الهيئة يوميا نحو 30 ألف بطاقة لتسليمها عبر مكاتب البريد المنتشرة في مختلف مناطق الدولة! وهو كم كبير من الإنجاز لا يضاهى من قبل أي جهة خدمية على مستوى الدولة، والذي كان يتطلب تفاعلا وتقديرا من أصحاب “اللحظة الأخيرة”. والذين مهما طورت “الهوية” و”البريد” من عملياتهما ستظل مشكلة هذه الفئات قائمة، لأنها لا تستيقظ إلا مع الغرامات وانتهاء الُمهّل، لأنها وببساطة لم تستوعب حتى الآن أهمية وقيمة بطاقة الهوية، ومحورية هذا المشروع الوطني الكبير في تعزيز واحة الأمن والأمان التي ننعم في ظلالها، ودورها في حماية بياناتنا الشخصية من أي عبث أو سوء استخدام.
وكانت الهيئة قد أعلنت مؤخرا في بيانات صحفية “تسليم أكثر من 571 ألف بطاقة للمتعاملين منذ الأول من يناير الماضي ولغاية 15 فبراير الجاري، وذلك من أصل 977 ألف بطاقة سلّمتها الهيئة لبريد الإمارات خلال الفترة عينها”.
والهيئة تدرس اليوم تسريع إصدار بطاقة “الهوية” باعتماد “لا مركزية الطباعة” قريبا، للقضاء على طوابير اللحظات الأخيرة، فأعتقد أنه حري بها دراسة إمكانية إصدار البطاقة في نفس يوم “التبصيم”، كما نجح “المرور والترخيص في أبوظبي، في القضاء على الازدحام وتكدس المراجعين بطباعة وتسليم ملكيات السيارات في نفس اليوم، رغم الفارق في مستوى وحجم المعلومات.
إن ما حدث أمام “بريد الإمارات”في أبوظبي والعين مؤخرا، أكد- وللأسف- وجود شريحة كبيرة من الجمهور، لا تتذكر القوانين واللوائح المنظمة إلا عند اقتراب فرض رسوم التأخير أو انتهاء المهلة المحددة لاستخراج هذه الوثيقة أو تلك.


ali.alamodi@admedia.ae