تبدأ دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي ومجلس التخطيط العمراني اليوم، أولى ورش العمل الخاصة بتطوير اللوائح التنظيمية للوحات الإعلانية الخاصة بالمحال التجارية في الإمارة، حيث تستضيف الجهتان اليوم الخطاطين العاملين في مدينة أبوظبي والمنطقة الغربية، كما تعقد ورشة ثانية مماثلة لهم الأربعاء المقبل، بينما تعقد ورشة ثالثة خاصة بالخطاطين العاملين في مدينة العين الأحد المقبل السادس والعشرين من فبراير الجاري، وقد أكدت الدائرة في دعواتها للخطاطين، الحضور والمشاركة في الورش لأهميتها في “تحسين المظهر العام لإمارة أبوظبي”.
والواقع أننا نتطلع لأن تكون تلك الورش مقدمة لاستعادة لغتنا العربية الجميلة مكانتها على الساحة التجارية والاقتصادية، فموضوع تطوير اللوائح الخاصة باللوحات الإعلانية يجب ألا يقتصر فقط على مساحتها، ومواصفاتها، والحيز الذي تشغله من واجهات المباني الحكومية أو التجارية، أو الاهتمام بالجوانب الجمالية فقط، وإنما المطلوب التركيز على محتوى هذه اللوحات التي يفترض أن تحمل لغة عربية سليمة، تعكس الهوية العربية للبلاد، ولكن كيف يتحقق ذلك، وقد سلّمنا مهنة الخطاط لغير الناطقين بالعربية، ممن يرون فيها مجرد نسخ ونقش يرسم على اللوحات! ووجدنا لوحات تحمل أنماطاً من خط غير عربي لعبارات عربية مشوهة. وذات مرة شاهدت حافلة صغيرة لنقل البضائع، تجوب طرقنا وقد حملت جملة عربية غير كاملة، لأن الخطاط قرر اختصارها، وهناك لوحات بعبارات عربية مبتورة، وبعض اللوحات تحمل العبارة الأجنبية نفسها، ولكن بحروف عربية، وربما لو ترجمت للعربية لأعتبرها البعض “خادشة للحياء”!.
والغريب أن العديد من أصحاب المتاجر، لغتهم الأم لغة الضاد، لا يتوقفون كثيراً أمام هذا الاعتداء الصارخ والمؤلم على لغتهم، ويبدو أن المهم بالنسبة لهم أن تكون اللوحة مضاءة وبالألوان الزاهية لاجتذاب الزبائن الذين لم يعد يكترثون لما يجري في عالم الخط والخطاطين واللوحات الإعلانية، فهؤلاء مع أصحاب المحال والشركات التجارية لم يعد يستعينون بمن يجيد الترجمة ويملك ناصية اللغة، فقد استسهلوا إدخال ما يريدون ترجمته لمحرك البحث على الإنترنت، لتجيئهم ترجمة ركيكة ضعيفة ينقلونها منقوشة على لوحاتهم، لترى هجيناً غريباً مضحكاً من الكلام على اللوحات المنتشرة في أسواقنا، وامتدت الممارسة للمطابع التجارية التي تتولى طباعة بطاقات التعارف والمطويات الدعائية والترويجية، وأصبحت تقتحم بيوتنا رغماً عنا، حيث تجدها معلقة على مداخل الفلل والأسوار وأبواب الشقق، عبارات وجمل تثير غضب من يقرأها، وهو يشفق على مآل اللغة العربية، والغربة التي تعيشها في وطنها، وقد تسبب عدم اهتمامنا بالأمر، في مضي هؤلاء الخطاطين وأصحاب المطابع في تجاوزاتهم واستمرارهم فيها.
ولا أزال أتذكر إجراء قديماً، كانت تحرص عليه العديد من بلديات الدولة، حيث كان مفتشوها يتأكدون من صلاحية المكان المراد ترخيصه للعمل في المجال المخصص له، بمراجعة سلامة اللوحات الإعلانية الخاصة به، من ناحية المواصفات والاسم باللغتين العربية والإنجليزية، الذي تمت إجازته من القسم المختص بذلك في البلدية، نأمل أن تكون جهود دائرة التنمية الاقتصادية ومجلس أبوظبي العمراني مقدمة لاستعادة مكانة “الجميلة” في المجتمع وحياتنا اليومية.


ali.alamodi@admedia.ae