فجع عشاق أغاني “البوب” برحيل أسطورة الغناء ويتني هيوستون، بعد أن عثر عليها ميتة في أحد فنادق بيفرلي هيلز، أشهر وأرقى ضواحي مدينة لوس أنجلوس الأميركية، عشية توزيع جوائز جرامي التي تعد أرفع جوائز عالم الغناء والموسيقى في العالم، والتي كانت الفنانة الراحلة قد فازت بست منها في دورات سابقة. وتصدرت أغاني الفنانة الراحلة ويتني هيوستن المبيعات في الولايات المتحدة، وذلك بعد يومين من وفاتها عن 48 عاماً، وحققت أغنيتها الشهيرة “سأحبك دائماً” أعلى المبيعات في متجر “آي تيونز”، التابع لشركة “آبل”.
الفنانة التي نالت شهرة عالمية واسعة، ونالت لقب أفضل مغنية على مر العصور بفوزها بجائزة “سول ترين” الموسيقية، كانت أيامها الأخيرة قاسية ومؤلمة بمعنى الكلمة، فعقب المجد والأضواء والحياة الباذخة، بلغت بها الحال استجداء من حولها. فقد ذكر أحد القريبين منها أنها طلبت منه إقراضها مئة دولار، فالنجمة التي هوت، دفعت ثمناً باهظاً لإدمانها على الكحول والمخدرات، في قصة تصلح لتكون نموذجاً في التوعية بأخطار المخدرات، وللاستشهاد بها خلال ورش ومحاضرات علاج المدمنين من هذه السموم الفتاكة.
وقد أكد المحققون في وفاتها أنهم سيحققون مع أطباء وصيدليات قدمت لهيوستن الوصفات المشتملة على عقاقير مخدرة.
المخدرات آفة ووباء يدمر الإنسان في كل مكان، يدرك أخطارها بجلاء من يقترب من مجتمعات ابتليت بهذه الآفة. هناك دول في أميركا اللاتينية تعيش على صفيح ساخن من دم ورصاص وتفجيرات، بسبب هيمنة عصابات المخدرات على الحياة فيها. هناك في المكسيك تخوض الدولة حرباً شرسة مع عصابات أفضل تسليحاً من رجال الشرطة. ومن يلتحق بهذا السلك يكتب وصيته. وكذلك في كولومبيا التي تمتلك فيها عصابات المخدرات قوات تنافس قوات الحكومة المركزية.
وعندما زرت كوبا في مهمة عمل، فوجئت بوجود أحد أكبر مصحات العلاج من إدمان المخدرات، على الرغم من أن الجزيرة المعزولة تعد من الدول الخالية تقريباً من هذه الآفة. وعلمت أن المصحة تعد واحداً من مصادر الدخل المهمة لاقتصادها المحتضر.
اليوم، ونحن نتابع الشراسة التي يحاول بها تجار السموم اختراق واحتنا الآمنة- وما حادثة بني ياس إلا نموذج لها- مدعوون لتنفيذ العقوبات المغلظة التي ينص عليها القانون، بحق من تدينه المحكمة بالجرم المشهود، وفي مقدمة ذلك عقوبة الإعدام. وفي الوقت ذاته تكثيف حملات التوعية بمخاطر الإدمان، وتطوير برامج علاج الإدمان، وتأهيل المتعافين منه. فللأسف بعض مراكزنا العلاجية تخلط بينهم وبين المرضى النفسيين والمضطربين عقلياً. بل حتى رجال “السكيوريتي” في هذه الأماكن يتعاملون مع الزوار كما لو أنهم مرضى نفسيون. ونحيي في هذا المقام تجربة شرطتي أبوظبي ودبي في مساعدة العائدين من مهالك الإدمان على استعادة حياتهم من جديد. بينما نجد إدارات أخرى تظل تتعامل معهم، كما لو أنهم ما زالوا مذنبين. فهؤلاء بحاجة إلى مساعدة حقيقية بعلم راقٍ وقلب رحيم، لإخراجهم من هاوية قذفوا أنفسهم فيها في لحظة ضعف، ليسقطوا في فخ أحكم نصبه لهم تجار السموم، الأعداء الحقيقيون للمجتمع ورخاء أفراده.


ali.alamodi@admedia.ae