مع دخول مسابقة دوري المحترفين إلى مراحلها الأخيرة وأسابيعها الحاسمة، يبدو أن الأعصاب لم تعد متماسكة كما يجب، فالتوتر يسود الكثيرين، سواء كانوا مدربين أو لاعبين أو حكاماً، والدليل على ذلك، ليس فقط ما صدر من الإيطالي والتر زنجا مدرب النصر في المؤتمر الصحفي الذي أعقب مباراته مع الوحدة أمس الأول، ولا حتى ما صدر قبله من النمساوي هيكسبيرجر مدرب العنابي أثناء المباراة، ودفع ثمنه الطرد من الملعب، لاحتجاجه الغاضب على الحكم، ولا حتى ما دار بين معتز عبدالله حارس الوحدة، وعبدالله موسى حارس “العميد”، وإنما هو كامن في المسابقة هذه الأيام، ونشعر به حين نتواصل مع مصدر من هنا أو هناك أو حين يفاجأ أحد الزملاء بأن لا أحد يريد الكلام، بينما الصحيفة لن تتوقف عن الصدور، أو حين يتصل مصدر من المصادر، يلومنا على وضع كلمة قالها “بين قوسين”، وكأنها تسببت في عظائم الأمور، أو كأن هذين «القوسين» يحملان إسقاطاً منا على شيء بعينه. ولم تكن هذه هي الحال بدورينا حتى سنوات قليلة مضت، وحتى مع دخول عصر الاحتراف، فالأمور كانت تمضي سلسة من دون حدوث ما يعكر الصفو، غير أنني أعتقد حتى الآن، أن مثل هذه الحوادث وإن كانت غير مقبولة شكلاً ومضموناً، إلا أنها طبيعية، وتحدث كثيراً حول العالم، وأذكر قبل أن ينتقل مورينيو إلى ريال مدريد أن غرمه الاتحاد الإيطالي 18 ألف دولار، بسبب اشتباكه مع مراسل صحفي بعد مباراة لفريقه في الدوري المحلي، كما خضع مورينيو لجلسة استماع من جانب اللجنة التأديبية لاتحاد الكرة الإيطالي، بعد إهانته وجذبه أندريا رامازوتي، المراسل الصحفي، وكذلك فرضت غرامة مالية على الإنتر قدرها 20 ألف يورو، قبل أن يعترف مورينيو بإهانته رامازوتي. وبعد أن وصل ريال مدريد، لم يتعلم مورينيو الدرس، وبلغ به الضجر من الصحفيين، حد أنه طالبهم بالذهاب إلى السينما، وأن يكتفوا عند خروجهم بالسؤال عن النتيجة، وذلك بعد أن أفاض في شرح مبعث ضيقه من الصحافيين وأنهم “لا يعجبهم العجب”. الشاهد هنا، ليس تصوير ما صدر من زنجا باعتباره أمراً هيناً، قياساً بالضرب في دوريات أخرى، ولكن ما عنيته تحديداً، ضرورة وجود مواقف تجاه أي خروج عن النص، سواء من لجنة الإعلام الرياضي، التي قد تصدر قراراً يكون ملزماً بعدم حضور الإعلاميين لمؤتمرات مدرب بعينه، ارتأت أنه يتعامل مع الإعلام الرياضي بفوقية، أو أن يكون الموقف من الإعلاميين أنفسهم، كما أن على اتحاد الكرة دوراً كبيراً ومهماً في ضبط إيقاع الشارع الرياضي، وتقويم أي اعوجاج فيه. أعتقد أنه على زنجا أن يبادر بالاعتذار لما قاله للزميل في المؤتمر الصحفي، أما ما حدث بين معتز وموسى، فهو حماس زائد ليس إلا، وأنا واثق أنهما ليسا بحاجة إلى من يتدخل لتنقية الأجواء بينهما، فيما يبقى هيكسبيرجر على الرغم من عصبيته في المباراة الأخيرة، واحداً من أكثر المدربين ظرفاً ودماثة خلق، وكل من تعامل معه من الإعلاميين، يحفظون “قفشاته” التي يطلقها أحياناً بـ”العربية”، ودخل بها إلى قلوب الجميع. كلمة أخيرة: من دون الإعلام.. ما كان هناك نجوم ولا مشاهير، فالإعلام وإن لم يصنع الموهبة، يكشف عنها ويضعها في بؤرة الضوء. mohamed.albade@admedia.ae