يبدو أن رحلة الوصول إلى مقر مدرسة الإمارات لتعليم قيادة السيارات في منطقة المصفح بأبوظبي، جزء من الإعداد والتأهيل للراغبين في استخراج رخصة قيادة. فالطريق الذي يعج بالشاحنات الثقيلة يحتاج لتركيز وهدوء أعصاب قبل الوصول للمدرسة التي تختفي لوحاتها الإرشادية على الجانب الأيمن للطريق الذي تدب عليه تلك المركبات العملاقة.
وفي بهو مدخل المدرسة المكتظ بالمراجعين التقيت مدير المدرسة الذي كان مشغولاً بشرح الخطط المستقبلية للمنشأة لوفد أجنبي. وأبلغته بملاحظتي حول غياب اللوحات وصعوبة الاستدلال على المكان، خاصة بالنسبة للذي يقصده للمرة الأولى، فكشف رده بأن المكان قد أصبح معروفاً هذه النظرة تسود الكثير من الجهات تجاه مسألة اللوحات الإرشادية، وعدم الاعتناء بها. ومن يقوم بمسح للغالبية العظمى من تلك اللوحات في مختلف مناطق العاصمة، يجد أنها قد أصبحت غير ذات جدوى، لسبب واحد يتعلق بانتقال مقر هذه الجهة أو تلك.
تذهب باتجاه بعض المدارس والجامعات والهيئات والوزارات، فتجد أن اللوحات القديمة ما زالت في مكانها، بينما انتقل المقر، مما يسبب إرباكاً للقادمين إليها لأول مرة. ويوميا تطالعني لوحات الاتجاه إلى المقر القديم لجامعة زايد رغم انتقالها لمقرها الجديد بمدينة خليفة في المبنى الذي نال تصميمه جائزة عالمية تؤكد التقدير الدولي لإبداعات وتميز أبناء الإمارات.
وقس على ذلك مناطق وجهات عدة انتقلت من المباني التي كانت تشغلها، ومع هذا لم تكلف نفسها بذل أبسط جهد لتغيير وتحديث لوحاتها الإرشادية التي لم تعد كذلك.
وتعد بلدية أبوظبي في مقدمة الجهات المعنية بتحديث هذه اللوحات، وضمان الالتزام بالمعايير والمواصفات الخاصة بتحقيق الغاية منها. ورغم ذلك تجد لوحاتها في الكثير من المناطق تفتقر للدقة والوضوح. ففي المدخل المؤدي لمدينة محمد بن زايد من جهة “محوي” وضعت لوحة واحدة تحتاج لمجهر حتى يستطيع المرء قراءة أرقام الأحواض التي يقصدها. فما بالك بمن هو في سيارة على طريق سريع عليه مختلف أنواع المركبات، وبالذات الثقيلة؟
هناك أيضا اللوحات التي غطتها الأشجار أو الأعمال الإنشائية أو بهتت معالمها، وأصبحت تشكل خطراً حقيقياً على سائقي السيارات. والكثير من اللوحات التي بذلت بلدية أبوظبي جهداً كبيراً لنصبها لم تعد تؤدي الغاية منها، خصوصا في المناطق الخارجية والضواحي السكنية الجديدة حيث يمكن للمرء أن يقطع عشرات الكيلومترات بسيارته قبل أن يكتشف أنه في مكان آخر غير الذي يقصده.
واليوم والبلدية ومجلس أبوظبي العمراني يعملان على وضع لمسات متكاملة للخدمات وتخطيط المناطق الحضرية الجديدة، وكذلك الأحياء السكنية والتجارية القديمة، نتطلع لإيلاء موضوع الاتجاهات واللوحات الإرشادية الاهتمام الذي يستحق، والتخلص من القديمة التي لم تعد صالحة، إن كانت لجهة انتقال الجهة التي تدل إليها، أو بحكم تغيير ملامحها. خاصة أن البلدية أصبحت تولي حالياً اهتماماً خاصاً بتحديث البيانات سواء تلك المتعلقة بالخدمات التي تقدمها لمراجعيها، أو تلك الخاصة بالمراكز التي تتبع لها، فالأمر يعبر أولاً وأخيراً عن سلوك حضاري يقدر ويحترم وقت المراجع، وإنجاز معاملاته.


ali.alamodi@admedia.ae