تابعنا، كأولياء أمور، بألم حادث دهس طالب بإحدى المدارس الخاصة في أبوظبي من قبل الحافلة التي تقله، ونحمد الله على سلامة التلميذ، وهو يتعافى من آثار الحادث الذي كشف عن ثغرات لا تنتبه لها الجهات المعنية إلا بعد وقوع حادث، وسقوط ضحايا بسببه.
وفي مقدمة تلك الثغرات، تنصل المدرسة عن تحمل أي مسؤولية، لأن الحادث ببساطة وقع خارج أسوار المدرسة، رغم أنه كان على بعد خطوات منها، منطق غريب يريد أصحابه إبعاد الأنظار عن السبب الحقيقي الذي يدفع أولياء أمور طلاب في المدرسة ذاتها للتعاقد والاتفاق مع سائق حافلة لنقل أبنائهم بسبب مبالغة تلك المدرسة في أسعار خدمات النقل لديها، والتي تقارب في أحايين كثيرة الأقساط الدراسية. ثم يأتيك بعد ذلك موقف مجلس أبوظبي للتعليم الذي يرى أنه حقق “ريادة في تطبيق معايير الأمن والسلامة في المدارس والمواصلات المدرسية”، وذلك بتعاونه الوثيق مع “مواصلات الإمارات”، ورأى المجلس أن ذلك قد أثمر نجاحاً كبيراً، فحوادث المواصلات المدرسية في أبوظبي والعين تعتبر “صفراً”، طبقا لإحصائيات العام الماضي، الأمر الذي يعتبره المجلس نجاحاً لاستراتيجية السلامة المرورية التي يطبقها، بالتعاون مع “مواصلات الإمارات”.
ويبدو أن المجلس بذلك استبعد المدارس الخاصة من استراتيجيته، وترك أولياء أمور طلابها يحلون إشكالية نقل أبنائهم بطرقهم الخاصة.
وقد أشرت قبل أيام - وعبر هذه الزاوية - لدور أصحاب حافلات النقل الصغيرة، الذين فرضوا أنفسهم على مشهد النقل في العاصمة، بتلك الطريقة العشوائية التي لا تتناسب والصورة الحضارية الرفيعة التي تحققت في عاصمتنا الحبيبة، وأصبح نقل طلاب المدارس الخاصة واحداً من المجالات المفضلة التي يعملون فيها، والكثير منهم يعمل بطريقة تخالف أبسط القواعد المتبعة في النقل المدرسي، حيث يحشر تلاميذ صغاراً في الحافلة من دون أي مرافق أو مرافقة، لتنطلق بهم بسرعة على الطرق.
وقد نفهم تجاهل بعض المدارس الخاصة لما يجري، لأنه ووفق منطقها، يتم “خارج أسوار المدرسة”.
ولكن كيف نفسر تغاضي شرطة المرور عن الأمر؟، وهي تكتفي بإطلاق “المناشدات للإدارات المدرسية وتدعوها لعدم ترك طلابها، وبالذات الصغار منهم في الحافلات من دون مرافقين، ومراعاة إجراءات السلامة المرورية أثناء الصعود والنزول من الحافلات”.
ومع كل حادثة، مثل التي جرت الأسبوع الماضي، تتجدد الدعوات لتنظيم النقل في المدارس الخاصة تحديداً، وضرورة اعتماد معايير مشددة يشرف عليها مجلس أبوظبي للتعليم و”مواصلات الإمارات”، بعد أن آثرت بعض تلك المدارس الجانب الربحي على حساب سلامة الأرواح، وهي تبالغ في أقساط النقل، وتتعامى عن أخطار تحيط بالصغار، بعد أن دفعت رسومها المبالغ فيها أولياء الأمور إلى البحث عن وسائل بديلة، من دون أن يدركوا أن ثمنها سيكون باهظاً، يتهدد سلامة صغارهم.
إن تحقيق جودة النقل المدرسي في بيئة آمنة، يتطلب من إدارات المدارس الخاصة استشعار مسؤولياتها المجتمعية في عملية تعنى برعاية الإنسان، يجب ألا يكون معيارها الأول حسابات الربح والخسارة، كما أن جهات الاختصاص مدعوة للتصدي لهذا الخطر المتنقل مع أبنائنا في رحلتهم اليومية لطلب العلم.


ali.alamodi@admedia.ae