تابعنا قبل أيام الإعلان عن الدفعة الأولى للمستفيدين من صندوق خليفة لتسوية كافة قضايا القروض الشخصية المتعثرة للمواطنين، والتي شملت من تقل مديونياتهم عن مليون درهم، سواء كانوا موقوفين على ذمة قضايا، أو صدرت بحقهم أحكام ويقومون بتسوية مديونياتهم عبر جداول تسديد حددتها المحاكم. كلنا يعلم أن صندوق رئيس الدولة “حفظه الله”، وجد لكي يساهم في حل مشكلة كبيرة يعاني منها آلاف المواطنين وأسرهم، ويكفي أن عدد المواطنين المستفيدين من أمر صاحب السمو رئيس الدولة بلغ في الدفعة الأولى ستة آلاف و830 مواطناً، بإجمالي مبالغ تصل إلى نحو ملياري درهم. رقم كبير يعكس مدى حجم مشكلة الديون، ويعكس أيضاً مدى حرص الحكومة بقيادة رئيس الدولة على التيسير على المعسرين من أبنائها وإيجاد حلول الإنقاذ التي تساعدهم وأسرهم على استعادة حياتهم الطبيعية وأن ينعموا بالاستقرار من جديد. وهذا الرقم يدل على أننا في حاجة ماسة إلى زيادة ضوابط الاقتراض التي تمارسها البنوك، وأن تتوقف عن لعب دور ناشر الفرح بتزيين الاقتراض والتسليف في عيون المستهلكين وإغرائهم بمختلف الوسائل والأساليب وتصوير القرض في شكل صك خلاص من المشاكل والهموم وضمان بناء حياة سعيدة رغيدة لهم ولأبنائهم. وكم شاهدنا من صور وإعلانات لبنوك تبشر فيها المقترضين بحياة النعيم من خلال القروض التي تقدمها سواء كانت قروض سيارات أو منازل أو سفر، وفي كل هذه الإعلانات تعدهم بإنجاز معاملاتهم بأسرع وقت وبأقل الشروط والتعقيدات، وبالطبع هذه الإعلانات لا تذكر أصحابها بأنهم سيظلون يجرون سنين عددا خلف رد ديونهم. لا أحد يستطيع القول إن الإقراض وتقديم التمويل هو أمر سيئ ، بل على العكس هو أمر جيد وإيجابي خاصة إذ كان يسير ضمن ضوابط معقولة بتقديم التمويل في حدود قدرات المدين على السداد، لكنه يصبح أمراً سيئاً وخطيراً عندما يفتح بابه على الغارب ويصبح متاحاً لكل من هب ودب، ويطال أموراً ثانوية وليست ضرورية مثل تمويل السفر. ويصبح أكثر خطراً عندما يسعى إلى تقديم مبالغ كبيرة، دون أن تكون هناك حاجات فعلية، ولكن البنوك في سبيل تصريف السيولة التي لديها، تقوم بالجري وراء المتعاملين وتغريهم بتقديم القروض، واعتقد أن معظمنا سبق وأن تلقى اتصالات هاتفية لحوحة من مندوبين بنوك يعرضون فيها خدماتهم وتقديم قروض بمبالغ كبيرة تصل إلى ملايين الدراهم، وتحاول زيادة إغرائهم بمنحهم تسهيلات وخدمات أكبر على الدين مثل منح بطاقات ائتمان أو عرض جوائز وسحوبات. يمكن أن يطول الحديث في هذا الموضوع، لكن إذا كنا نؤمن بالفعل أن الوقاية خير من العلاج فإن مشكلة الديون علاجها يبدأ من عتبة أبواب البنوك! سيف الشامسي | salshamsi@admedia.ae