لابد للجنة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أن تظهر من وقت طويل “العين الحمراء” للتجار الذين يتلاعبون في الأسواق ويسرقون فرحة الناس، بزيادة أسعار منتجاتهم بين الفينة والأخرى، وبسبب ومن دون سبب، فهؤلاء لابد من تشديد العقوبة عليهم، والضرب بيد من حديد، فلجنة حماية المستهلك مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتشديد العقوبة، على كل من تُسوِّل له نفسه رفع الأسعار والتلاعب بأرزاق الناس، والتكسب بطرق ملتوية وغير مشروعة، وانهاك الفقراء من عامة الناس واستغلال حاجتهم. في الأمثال قيل، “من أمن العقوبة أساء الأدب”، وبعض التجار والموردين، أصحاب النفوس الضعيفة اللاهثين خلف الدرهم، أمنوا العقوبات المخففة واستسهال الوزارة بحق المخالف منهم، وهو ما شجعهم على التمرد واللامبالاة من مخالفة اللوائح والأنظمة والقوانين التي تصدرها الدولة بتحديد الأسعار وعدم رفعها إلا بعد الحصول على موافقات ومبررات تقنع وزارة الاقتصاد التي تدرس الأسواق المحلية والخارجية، وتلتقي التجار -حسب قولها- وتناقش معهم مطالبهم، وتبحث مبرراتهم لرفع الأسعار قبل أن توافق عليها وتعطيهم الضوء الأخضر، ولكن بعض المتمردين والمتلاعبين بمصائر وقوت الناس لم تخفهم الإنذارات، ولم تردعهم المخالفات البسيطة التي كانت تفرض عليهم، وهو ما شجعهم على رفع الأسعار من دون هوادة أو مراجعة، فما كان من لجنة حماية المستهلك إلا أن تسحب سلعهم من الأسواق، وتصدر مخالفات بحق المخالفين منهم، حيث تبلغ قيمة المخالفة الواحدة مائة ألف درهم، وذلك بعد جولة للجنة حماية المستهلك على أسواق في الدولة. وكانت اللجنة نفسها قد أعلنت عن مخالفة تاجر بيض مائة ألف درهم لرفعه الأسعار ثلاث مرات، وهذا مسلك وأسلوب أعتقد أن التجار كانوا بحاجة إليه منذ زمن، فمن لم تردعه القوانين واللوائح، وأعطى ضميره راحة وقيلولة، فالوزارة قادرة على ردعه والتصدي له. “العين الحمراء”، وتشديد وتغليظ العقوبات هذه لم نكن نسمع بها منذ زمن، ومؤخراً فقط بدأنا نسمع بمخالفات المائة ألف، وسحب المواد من الأسواق لتجاوز موردها سقف الأسعار، وهي إجراءات كفيلة بإعادة التجار والموردين المخالفين إلى صوابهم، وكان على اللجنة اتباع ذلك منذ زمن وليس الآن فحسب، خاصة وأن الحكومة بدأت تولي هذه القضية اهتماماً خاصاً، فأضحت قضية احتكار الأسعار ورفعها على طاولة مجلس الوزراء، الذي تفاعل بكل إيجابية، من خلال قراراته التي أصدرها مؤخراً، والقاضية بتحرير حوالي اثنتي عشرة سلعة غذائية رئيسة وعدم اقتصار استيرادها على الوكلاء فقط، كما واصل المجلس نقاش لملف السلع وارتفاع الأسعار باعتماده مجموعة من المواصفات القياسية الإلزامية لعدد من السلع والمنتجات، والتي تأتي ضمن الجهود الحكومية لحماية المستهلك وتوفير السلامة الصحية والبيئية له، ومواكبة المعايير الدولية لجودة المنتجات الموجودة في السوق المحلي. إذا كانت الحكومة تولي هذا القدر من الاهتمام والرعاية لقضية غاية في الأهمية، فإن على وزارة الاقتصاد أن تُفعِّل جملة القوانين الرادعة بحق التجار والموردين، والتي ظلت حبيسة الأدراج لفترة، ودفع المستهلك الثمن. إذ اعتمد المجلس 23 لائحة فنية جديدة ومحدثة تضم خصائص واشتراطات لمنتجات غذائية مختلفة مثل الفواكه والخضراوات والتوابل وبعض المنتجات الزراعية المعدلة وراثياً وأغذية الأطفال المعلبة. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae