استوقفتني بعض ردود الأفعال خلال الأيام الماضية، ردود أفعالنا وأفعال البعض لا تتسم بالمنطق أحيانا، وأحيانا كثيرة تأتي على خلاف المتوقع، لا أتحدث عن عرق أو جنس أو ثقافة معينة ، فعلى ما يبدو يتفق الناس في ردود أفعالهم أحيانا برغم اختلاف الثقافات، إلى درجة التطابق، مع أننا كونا فكرة – تبدو غير صحيحة – عن سلوكيات وتوجهات بعض الشعوب إزاء مواقف معينة، خلال الأسبوع الماضي تابعت مواقف واستمعت لحكايات وتجارب استنتجت منها الكثير وتعلمت منها أكثر. كنت أقول دائما لصديقتي حين تشتكي لي تصرفات ابنها المراهق بأن الأولاد في مثل سنه جميعهم يتصرفون بطيش لأنهم أقرب للأطفال الذين لا يقدرون عواقب الأمور أكثر من كونهم عقلاء، وهكذا يجب أن ننظر إليهم، إلى أن قالت لي بأنها كانت تشتكي ذات نهار بعد عودتها من العمل مواقف صعبة مرت بها مع بعض زملاء العمل، وأنها تفكر بالاستقالة، فكانت ردة فعل الزوج أن قال كلمتين وخرج: استقيلي إذا كان في ذلك راحة لك. في المساء، جاءتها رسالة من ابنها المراهق يقول لها فيها: “أمي لا تيأسي ففي زماننا هذا اسكتي وطنشي ولا تشيري للخطأ ولا تسمي العيب عيبا، فذلك في نظر الناس عيب! ولا تنصحي زميلاتك في العمل، دعي النصيحة لك فلا أحد سيسمعك، تريدين زميلاتك أن يتبعنك ويكونون بصفك دائما إذن تعلمي أن تبتسمي، وتضحكي والأهم جاملي قدر استطاعتك!! تقول أذهلتني الرسالة، هل هذا مراهق لا يفهم ولا يقدر الأمور، تعجبت معها ولكنني لم أعلق. أبدت مندوبة الولايات المتحدة امتعاضا شديدا وعبرت عن استيائها من موقف روسيا والصين، واصفة شعورا بالاشمئزاز منهما، تذكرت عدد المندوبين في الأمم المتحدة الذين أصابهم نفس ما أصاب السيدة مندوبة أميركا، ولكن من مواقف الولايات المتحدة تجاه الكثير من القضايا العادلة، وبالذات من القضية الفلسطينية حين ترفع حق الفيتو في صالح “إسرائيل” من ذا يصدق اشمئزازها، زمن ذا يتوقع وقفة روسية في صف العرب أو أية قضية عادلة؟ كثيرون كانوا محبطين ومستائين مساء الأمس من موقف روسيا والصين من القرار المحابي للنظام السوري، حتى أن كثيرين ممن أعرفهم كانوا ينتظرون انعقاد جلسة مجلس الأمن، على أمل الوصول إلى مخرج أو فرج للعالقين في ثورة سوريا، لكنني لم أنتظر ولم أتابع الجلسة، كنت أعرف سلفا كيف ستنتهي الحكاية، ستصطف روسيا والصين حتما مع من مصالحهم معه بالتأكيد، خاصة وطرف الخيط ينتهي في طهران من جهة وتجار السلاح الروسي من جهة أخرى. في الصين. داست دبابات الجيش الصيني على الطلاب في الساحة الحمراء منذ سنوات، حين طالبوا بمطالب معينة، دون أن يرف للنظام جفن، وبدماء ملايين الناس تأسس الاتحاد السوفييتي، ومارس الرؤساء الدمويون فيه حكما ديكتاتوريا لا مثيل له، ومن يقرأ تاريخ سجون ومنافي سيبيريا يعرف أي نظام يحكم في روسيا، لا شيء خاضع للعاطفة في سياسة الدول الكبرى، الكلمة الأخيرة والقرار للنظام، للمصالح، للبقاء، أما حقوق الإنسان فنكتة لا أكثر. ردات الفعل غير المتوقعة تبدوا في سياقاتها حين نرجعها لجذورها طبيعية وهي ما يجب أن تكون، لكننا أحيانا ننسى، ننسى أن المراهق يرى ويسمع ويقرأ وقد يبدو حكيما أحيانا أكثر مما نتوقع ، وننسى أن تاريخ الأمم تاريخ لم يكتب بماء الورد دائما. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com