تنتهي اليوم مهلة جهاز أبوظبي للرقابة الغدائية الممنوحة للبقالات في العاصمة، والتي استمرت لمدة عامين؛ بهدف إرساء معايير جديدة وراقية وحضارية في مستوى الخدمات التي اعتادت تقديمها هذه النوعية من المحال الصغيرة.
وخلال الأيام القليلة الماضية لاحظنا نشاطاً غير عادي من القطاعات العاملة في هذا المجال، شمل إغلاق الكثير منها أبوابه لتوفيق أوضاعه مع الاشتراطات المطلوبة أو تغيير النشاط إلى آخر.
انتظار عشرات البقالات في المدينة حتى اللحظة الأخيرة للمهلة كان يحمل في طياته رهاناً على تمديدها، ولكن الجهاز تمسك بها، فالعامان أو24 شهراً كافية تماماً لاختبار جدية الجادين وغيرهم ممن لا يرون في الاشتراطات سوى عبء إضافي على نشاط اعتادوا ممارسته عقوداً بالطرق البدائية البسيطة ذاتها، والتي لم تعد تواكب تطور المجتمع وشرائحه. وذهب تفكيرهم وتركيزهم إلى ارتفاع تكاليف أعمال الديكور الخاصة بالاشتراطات التي تصل في بعض الأحايين إلى نحو مئتي ألف درهم. ووجود شركة وحيدة في البدء تتولى تنفيذ المواصفات قبل أن يسمح لمتعهدين آخرين بالمشاركة في العمل مع بدء العد التنازلي للمهلة.
وبلا شك، فإن خروج عشرات البقالات من الخدمة سيؤثر على خدمات كانت تقدمها في مناطق عملها، ولكنه ليس بذلك التأثير الكبير مقابل توافر العديد من المنافذ الكبيرة والمتنوعة. ولكن التأثير الأكبر سيكون في تغيير العديد من السلوكيات القديمة التي اعتادها المتعاملون مع البقالات القديمة، خاصة أولئك الذين اعتادوا الشراء بالآجل، والتوصيل للمنازل، والذين اعتادوا إزعاج السكان بأبواق سياراتهم كي يخرج لهم عامل البقالة، ويلبي طلباتهم، وإن لم تتعد علبة مشروب غازي.
وهذا الخروج الجماعي لنوعية من النشاط التجاري البسيط، قد يغير قليلاً من المشهد العام في العاصمة، ولكنه لا يعد كبير الأثر، مقارنة بالتأثير الذي أحدثه خروج المحال الحرفية خارج جزيرة أبوظبي. فعلى الأقل غياب البقالات يعوض بوجود المحال الجديدة ذات المواصفات والمعايير العالمية المتقدمة. فتلك المحال رغم مرور أشهر عدة، إلا أن البدائل التي كانت قد تحدثت عنها بلدية أبوظبي في حينه، لم تظهر ويشعر بها سكان المدينة، ممن لم يعد أمامهم من خيار عند الحاجة لقطع غيار بسيطة من نوعية مصباح أو إطار للسيارة أو طلب نجار سوى الذهاب إلى المنطقة الصناعية في المصفح أو المجازفة بالاستعانة بالحرفيين غير المرخصين، الذين جعلوا من الشوارع الخلفية والأحياء السكنية ساحات لممارسة أنشطتهم وعملهم، وقد باتت تواكبهم سيارات نصف نقل يتكدس داخلها مختلف أنواع قطع الغيار التي يمكن أن يطلبها الزبون. وحتى محطات شركة “أدنوك” للتوزيع التي راهن عليها الناس، أخفقت في تلبية تلك الاحتياجات البسيطة أمام الضغط ومحدودية الخدمات التي تقدمها حالياً، رغم وجود بعض المحال المغلقة داخلها، وعزوف المستثمرين عنها بحجة ارتفاع الإيجارات المطلوبة.
طريقة التعامل التدريجي لجهاز أبوظبي للرقابة الغدائية مع “مهلة البقالات” والمنشآت غير المتوافقة مع الاشتراطات الجديدة، والتزام الجهاز بإتاحة الفرصة لتوافر البدائل قبل التطبيق الكامل للأمر، أكد حرصه على عدم تأثر السكان بغياب البقالات القديمة. وهو حرص يفترض مراعاته من الجهات كافة المعنية بتوفير الخدمات للجمهور.


ali.alamodi@admedia.ae