نودع سنة ونستقبل سنة وتدور في صدورنا آهات وترتسم في مخيلتنا خرائط لطريق المستقبل ونتفاءل دوماً طالما نعيش في بلاد زايد وعياله. وقبل أن تحل السنة جلدها القديم بواحد جديد يستقبله البعض بالنوم والآخرون بصورٍ مختلفة تترك الذاكرة الحسية ما يرتبط بالروائح والمأكولات جسراً ممتداً بلا نهاية يربطنا بما نحب وبها الهريس والخبيص والعصيد والحلوى. أقول ذلك بثقة وأعترف بأن لدي نقاط ضعفٍ أهمها اثنتان الأولى أنني لا أستطيع أن أرفض طلبا للناس إذا استطعت مساعدتهم والثانية الحلوى العمانية الشقراء اللي فيها مكسرات وعليها فراخ من الصغار – مال أول. وبما أن الطبع ضلع دعوني أخبركم عن اُمنية حياتي وهي أن يتمكن المبدعون من صناعة «حلواه في لغلافة» على أن تكون خالية من شيء اسمه كلسترول. نعم، لقد تغيرت المفاهيم حالياً فالواحد منا تحول إلى شخصٍ متمرس وصرنا كبائعي أسهم البورصة نفهم أرقاماً تعكس حقيقة دمائنا وتركيباتها المتذبذبة. وفي حضرة أحد الحكماء قالت أم راشد: “لول نصب العسل وجان ما عندنا عسل صبينا الدبس على قرص الخمير لين يتم يقطر من الدهن الخنين والعسل وقلنا بسم الله وتريقنا... الحين نتروع من الأكل عن لا أيينا هذا اللي يسمونه كررستول!” فجادلتها: “الكلسترول إيي من أكل الحلوى مب من الخمير لبمهون اللي علية عسل”. فقاطعتني بحزم: “اندوج، لول يوم المعيشة شظيفة نروم ناكل كل شيء لكن الحين يوم الله عطانا الخير والله نشتهيه جدامنا يدنا ما تنهي جدا الأكل! نتروع يوَاقعنا الدختور ما فينا على الدويات”. فقلت لها: “دعيني اُخبرك عن الكلسترول وعن كيفية التخلص منه: الفرنسي فرنسوا بولوتييه دولاسال هو أول من اكتشفه في عام 1769 واُطلق عليه اسم عصارة المرارة الصلبة في عام 1815 وهذا يعني ان العالم عرف هذه المادة الدهنية المسيطرة على امتصاص الغذاء والتعامل معه في الجسم منذ ذلك الحين. علماً بأن ارتفاع نسبته في الدم ُتصَلِبُ الشرايين و تشارك في احتشاء القلب وما ينتج عنها من ذبحة صدرية أو جلطة و ما شابه ذلك من عوارض. فقاطعتني: “هبي...هباك الله.. شياك علينا”. فقلت لها: هذا ما تعلمناه في العلوم؟ فردت وبيدها فنجان قهوة مقند”لعلوم طيبة وتسرك... قربي با تقهويين وهبشي من ها الحلواة ملجة علياء”. فقلت في خاطري في الأجواء الاجتماعية تبرز نقطة الضعف هذه وتتعزز ماكناتها وعلى خلاف ذلك عندما أكون في الأوساط الطبية أدعي بأني عدوة “الكولسترول الضار”. وعندما كانت “الطبقة جدامي” لم انتبه لوجود الملعقة وبادرت بأخذ ما تيسر لي من الحلوى فنظرت إلى أم راشد وقالت مؤكدة: “هبشي هبشي ولا عليك من الدخاتر يوم تين المستشفي قالوا لك الدختور يتريق وشوه عاد الريوق؟ بيض وجبن وخبز. بلاه يحرمه على العرب ويمزر به بطنه بدالهم؟ كلي كلي... مخليتلكم طبقتين حق بيتكم وديهن وياك يوم بتروحِين، عن تنسينهن”. كل عام و أنتم من الكولسترول أبعد. bilkhair@hotmail.com