عيون على الخليج، وأياد تتشابك من أجل بث الأريج، والحرائق التي تسري في هشيم الكثير من الدول العربية، تضع المواطن الخليجي أمام مسؤولياته الجسام، بشد اللجام، ورفع الحسام، والالتحام في وئام وانسجام، والأخذ بأسباب الإقدام نحو غايات الوطن الواحد، والهدف الموحد، لدرء الأخطار، وكبح ما يكنه الجار للجار، وإعلاء لبنة الجدار، وحفظ الاستقرار، بقلوب مؤمنة، بأن الموكل يحتاج إلى فعل وعمل يحتاج إلى الأمل، وإلى مقل ترى الضوء ولا تغمض عن الظلام، يحتاج إلى ضمير يضع الأمور في نصابها، بحيث لا يختلف اثنان على وحدة السيادة، والاصطفاف حول القيادة وصون الحياض، أمر من أمور العبادة، والانتماء إلى الأرض مبدأ حث عليه الإسلام وحض منتسبيه على حفظ الأرض والعرض من شيم الدين وقيمه السامية .. أما التخرصات والمهرجانات الاحتفالية التي تحييها ضمائر خربة، عاثت في حقولها كائنات متوحشة ألبست الدين لباساً واحتباساً، واقتبست من الكرنفاليات الخارجية متفاعلة مع إعادة التصدير، أو استيراد سلع بائرة خائرة نافرة، فإن مثل هذه التصرفات إنما هي عمل من أعمال الشيطان، وهي جزء من تصاريف الزمن الخائب، وما أفسده الدهر.
الخليج العربي اليوم بحاجة إلى وعي جماهيري بأهمية التحرر من برغماتية الآخرين، والنفاق السياسي الذي أودى بحياة الإنسان ودمر الأوطان.
الكلام وعلامات الاستفهام تتسع حدقاتها بسعة المسافة ما بين الأرض والسماء، وبحجم الكواكب والنجوم حول لغط وغلط وشطط وحطط، ونمط من أنماط الجنون والمجون، عندما تصبح الأوطان رهينة شعارات لا تسمن ولا تغني، وما الغرض منها سوى إشباع شهية وشهوة، من لمع البرق السلطوي في عيونهم فوجدوا الفرصة سانحة، في ظل ظروف دولية، تلاعبت فيها أمواج المكاييل المتعددة والمصالح المتصهدة، فأرادوا أن يعتلوا ظهر الموجة العارمة بقلوب مفعمة بالغل والحقد والكراهية لكل ما هو جميل ونبيل وأصيل.
الخليج العربي اليوم قبل كل يوم يقف أمام مفترق طرق، فإما أن نكون أو لا نكون، ولكي نكون لا بد وأن نخرج من المفصل التاريخي بقناعات راسخة، من أنه لا مناص من وحدة الضمائر، والذهاب عميقاً نحو الوعي بما تفرزه المرحلة من غث ورث، وعبث، وتطويق أوطاننا بحرير المعرفة باحتياجات السيادة وأولها وآخرها الالتفاف والاصطفاف، والوقوف كتفاً بكتف مع من تولوا زمام القيادة ونبذ كل ما يعيق ويحيق ولا يليق، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الحماية والرعاية والعناية بشؤون الأوطان ومنجزاتها ومكتسباتها وكل ما صنعته الأيدي الأمينة من صروح.
الخليج العربي .. الثغر والدهر، والقدر، والسِحر والفجر، هو هو، ولا سواه، موطن ولا وطر، ولا مِللُ ولا نحِلُ.



marafea@emi.ae