يروى أن نبطيّاً وقع من موضع عالٍ، فدخل الناس يسألونه: كيف وقعت؟ فلما أكثروا عليه أخذ جرّةً وألقاها من يده وقال: هكذا وقعت. ويروى أن رجلا أحدب سقط في بئر، فذهبت حدبته، فدخلوا يسألونه ويهنئونه بذهاب حدبته، فجعل يقول: الذي جاء شرّ من الذي ذهب. ويروى أن ابن شبرمة القاضي سقط عن دابّته فوثئت رجله، فدخل يحيى بن نوفل الحميريّ عليه فقال: أقـول غـداة أتانــي الخبيــر فـــدسّ أحاديثــه الهينمــة لك الويل من مخبرٍ ماتقول؟ أبن لي وعـدّ عـن الجمجمــة فقال خرجت وقاضي القضـا ة مثقلــةٌ رجلــــه مؤلمــــة فقلـت وضاقـت عليّ البـلاد وخفــــت المجلّلة المعظمة فغـــــزوان حــرّ وأمّ الوليــد إن اللّــه عافـى أبا شــبرمة جـــزاءً لمعروفــــه عندنـــا، وما عتـــق عبدٍ لـه أو أمـه؟ وكان في المجلـس جـار ليحيى بن نوفـل يعـرف منـزله، فلما خرج تبعـه وقال: يا أبا معمـر، مـن غـزوان وأم الوليد؟ فضحك وقال: أو ما تعرفهما؟ هما سنّوران في البيت. ومرض أبو عمرو بن العلاء مرضةً، فأتـاه أصحابه وأبطأ عنده رجل منهم؛ فقال: ما يبطئ بك؟ قال: أريد أن أساهرك. قال: أنت معافىً وأنا مبتلى، فالعافية لا تدعك تسهر والمرض لا يدعني أنام، فاسأل اللّه أن يسوق إلى أهل العافية الشكر، وإلى أهل البلاء الصبر والأجر. وقال الأصمعيّ: اشتكى رجل من الأعراب، فجعل الناس يدخلون عليه فيقولون: كيف أصبحت وكيف كنت؟ فلما أكثروا عليه قال: كما قلت لصاحبك. ووقع رجل من أهل المدينة فوثئت رجلاه، فجعل الناس يدخلون عليه ويسألونه، فلما أكثروا عليه وأضجر كتب قصّته في رقعةٍ، فكان إذا دخل عليه «عائد» وسأله دفع إليه الرقعة. وكان رجل من أهل السّواد محدوداً لا يقصد في شيء إلا انصرف عنه، فغاب مرّةً فأطال، فلما قدم أتاه الناس فجعلوا يسألونه عن حاله وما كان فيه، وكان فيه برمٌ، فأخذ رقعةً وطرحها في مجلسه، فكلّ من سأله عن حاله دفع إليه الرقعة كتب فيها: و مازلت أقطع عرض الفـلاة مـن المشــــــرقين إلـــى المغربيـــن وأطـــوي الفيــافي أرضــاً فأرضـاً وأســـتمطر الجــدي والفرقـدين وأطــوي وأنشـــر ثـوب الهمــوم إلـى أن رجعــت بخفّــي حنيـــن فقيــراً وقيــــراً أخــــا عســـــرةٍ بعيـداً مـن الخيـر صفــر اليديــن إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae