أعتقد أن معظمنا عانى في وقت من الأوقات من هذه المشكلة التي تتعلق بالارتفاع الهائل في فاتورة "الموبايل" خلال استخدامه في السفر، وكم سمعنا عن حالات سجلت فواتيرها أرقاما قياسية لأنها تجرأت واستخدمت هاتفها وهي بعيدة عن الديار، وكانت النتيجة موجعة بفاتورة من الحجم الذي يحتاج إلى قرض بنكي لتسديدها. الارتفاع الشديد في الأسعار يدفع معظمنا عند السفر إلى استخدام خطوط خاصة بالدول التي يزورها، ويحاول تجنب خطه قدر المستطاع حتى يجنب نفسه "الصدعة"، والوقوع في شرك الأسعار الخرافية الموضوعة للتجوال الدولي، والتي تفوق إمكانيات معظم الأفراد، لأننا هنا لا نتحدث عن مجرد ارتفاع في قيمة الفواتير ولكن نتحدث عن غلاء فاحش وأرقام تصل إلى عشرات الآلاف من الدراهم تفوق قيمتها أحيانا تكلفة السفر. القصص في هذا الاتجاه كثيرة، خاصة أن المشكلة لا تقتصر علينا وحدنا ولكنها مشكلة عالمية يعاني منها معظم مستخدمي "الموبايل" في العالم، وهي مسألة يعترف بها الاتحاد الدولي للاتصالات نفسه بأن هناك مبالغة في أسعار التجوال الدولي، وهناك أرقام غير عادلة يتم تحميلها للمستخدمين، والأهم أن الاتحاد الدولي للاتصالات بدأ يفكر في علاج هذه المشكلة كما يظهر من إعلانه على هامش مؤتمر الاتصالات الدولي، الذي عقد في دبي بداية الشهر الجاري، والخاص بإصدار معايير ملزمة للحد من ارتفاع أسعار التجوال الدولي. هذا الإعلان يتماشى مع خبر قرأته قبل فترة عن دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي، خلصت إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية لمشكلة ارتفاع تكلفة خدمات التجوال داخل دول الاتحاد، والمبالغ الطائلة التي يضطر الأوروبي لدفعها عند السفر والتنقل بين دول الاتحاد، والأمر نفسه ينسحب على دول الخليج والتي تبذل جهودا ملموسة للسيطرة على تكلفة الاتصالات فيما بينها وحماية مواطنيها من الأسعار النارية لشركات الاتصالات. أحد الحلول المقدمة لعلاج المشكلة وضع حد أعلى للأسعار لا تتجاوزه قيمة الفاتورة في كل الأحوال، ويجنب مستخدمي الموبايل من دفع أسعار خرافية وفواتير بمبالغ باهظة، مقابل خدمات أصبحت عادية في هذا الزمن مثل إجراء مكالمة أو الاطلاع على رسالة البريد الإلكتروني. لعل هذا أنسب حل، لأن الأمر لو ترك لشركات الاتصالات كما هو حاصل الآن فإنها دون شك ستسعى لرفع أسعارها وليس تخفيضها لأنها أولا وأخيرا شركات قائمة على الربحية، وهدفها مضاعفة مكاسبها كلما أتيحت لها الفرصة، وهذا أمر لا يحتاج إلى الكثير من الجهد لإثباته، ويكفي النظر إلى حجم الأرباح السنوية المهولة التي تحصدها شركات الاتصالات والتي تفوق الكثير من القطاعات الاقتصادية مجتمعة، لإدراك غلاء أسعارها رغم أنها تبيع الهواء! salshamsi@admedia.ae