شاركت أكثر من 25 جهة حكومية وخاصة على مستوى الدولة في الاجتماع التنسيقي الثاني لحملة “لا لصديق السوء”، التي تنظمها القيادة العامة لشرطة دبي، بالتعاون مع جمعية رعاية الأحداث. ومشاركة كل هذه الجهات، في الحملة التي من المقرر إطلاقها قريباً، تعكس مدى الأهمية التي تمثلها هذه القضية في المجتمع، التي نتطلع لمشاركة المزيد والمزيد من الجهات فيها لابتكار وتبني مبادرات متطورة، لضمان تحقيق الغاية منها، والوصول إلى الفئات المستهدفة منها. فشريحة الشباب والمراهقين تعد من أكبر الشرائح في مجتمع الإمارات الذي يتميز بالتنوع والتفاعل والتأثير والتأثر المتبادل.
واختصاصيو وخبراء التوعية الاجتماعية في دوائر الشرطة والمحاكم ورعاية الأحداث أكثر الناس دراية وإدراكاً بمعنى ذلك، من واقع ما يرصدون ويتابعون وما تحتويه الملفات التي أمامهم من أمور وقضايا. وهي القضايا التي تبدأ شراراتها الأولى من رفقة السوء، حيث لم تعد اليوم تقتصر على شلل “الفريج الواحد” أو الفصل والمدرسة، بل أصبح اليوم هناك ما يمكن أن نطلق عليه “شلل الإنترنت” التي تجمع شباباً ومراهقين حتى وإن تباعدت بينهم المسافات واختلفت الألسن واللهجات والجنسيات. وأمامنا مثال صارخ تنظر فيه محاكم أبوظبي، في تلك القضية التي يمثل فيها خمسة مراهقين وأحداث، من جنسيات خليجية وعربية وآسيوية، أصغرهم لم يتعد ستة عشر عاماً، وأكبرهم في العشرين، يحاكمون بتهم تعاطي وحيازة المخدرات والاتجار بها، وهي تهم تصل العقوبة القصوى فيها حد الإعدام.
قضية بهذا التعقيد والشعور بالألم والندم، خيوطها الأولى نسجت من رفقة السوء، وعدم متابعة الآباء والأمهات وأولياء الأمور لمن يخالل أبناءهم. ولا كيف يقضون أوقاتهم عبر الشبكة والعنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وبصحبة الهواتف الذكية، وإلى أين تقودهم؟، بعد أن أصبحت هذه الوسائل مصدراً للترويج لتجار السموم وبضاعتهم القاتلة والمدمرة.
كما أصبحت منصات لفئات أخرى لا تقل خطورتهم عن تجار ومروجي المخدرات، ونقصد مروجي الشائعات والأفكار المتطرفة وأهل الغلو، ممن لا يرون فيما تحقق من خير ورخاء وازدهار على أرض الإمارات إلا من مناظير أحقادهم السوداء. وهم يبذلون جهدهم للتغرير بالشباب لجرهم نحو الحفر التي ينعقون منها. وبالذات أولئك الذين يروجون ويسوقون سمومهم بمزاعم مغلفة باسم دين الحق، هذا الدين الذي لخص شخصية المسلم الحقيقي، بأنه “من سلم الناس من لسانه ويده”. فما بالكم بأمثال أولئك الذين يسفكون دماء الأبرياء ويروعون الآمنين والمستأمنين، ويفجرون دور العبادة على رؤوس من فيها.
إن إنجاح مثل هذه الحملات لحماية النشء، يتطلب انخراط الجميع فيها، وفي مقدمتها الجهات ذات التماس اليومي مع النشء، واعتماد أساليب وطرق مبتكرة لمساعدة وحماية هذه الفئات، وهي في هذه المرحلة العمرية الحرجة. بدلاً من تركها ضعيفة سهلة المنال، في زمن صعب، بتحدياته المتداخلة والمعقدة، وتركهم وحيدين مع ثالوث الرفقة السيئة والفراغ ووفرة المال. فحماية هؤلاء حماية للأسرة وحماية للوطن ضد كل من يريد الإضرار به وبأبنائه، وطن يعول عليهم الكثير، ويستحق من الجميع المزيد من التلاحم والالتفاف حول قيادته، لما فيه صون وتعزيز إنجازات إمارات الخير والمحبة.


ali.alamodi@admedia.ae