في صناعة السياحة قد يبدو الأمر بسيطاً للغاية، دولة بها مقومات ومعالم سياحية وفنادق ومنتجعات، وتشارك في المعارض والمؤتمرات، وتنظم حملات إعلانية فيأتي إليها السياح من العالم. قد يكون هذا هو مفهوم البعض عن صناعة السياحة، وقد يبدو هذا صحيحاً من وجهة النظر البسيطة أو السطحية لصناعة السياحة، إلا أن حقيقة الأمور أكثر تعقيداً. صناعة السياحة تتعامل مع البشر باختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم وأفكارهم ورغباتهم، بل إنها تتعامل مع الفرد وليس الجماعة، وتعمل على التأثير وتغيير الاتجاهات الفردية، والصور النمطية، حتى تنجح في توجيه الأفراد، وتحويل قراراتهم إلى اتجاه معين. والصعب في صناعة السياحة أنها حساسة جداً، وتؤثر فيها عوامل مختلفة، سياسية واقتصادية، واجتماعية، وأمنية، وإعلامية، خبر واحد في صحيفة أو على شاشة إحدى القنوات قد ينسف لك جهود أعوام بأكملها، لذلك فهي صناعة متكاملة ومتداخلة مع جميع القطاعات الأخرى. وهذه المقدمة ضرورية لكي نفهم معنى التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي، والخاص باستطلاع آراء السياح في دول مجلس التعاون الخليجي. خلص التقرير إلى أن الإمارات واصلت حفاظها على مكانتها كوجهة سياحية مفضلة لدى المقيمين في بلدان مجلس التعاون الخليجي، طبقاً لنتائج أحدث استطلاع أجرته إحدى شركات بطاقات الائتمان العالمية، وهي استطلاعات عادة ما تتسم بالدقة والموضوعية. فعلى سبيل المثال، من المرجح أن يقصد 42% من العمانيين الراغبين في السياحة الخارجية دولة الإمارات في المستقبل القريب، وهذه نسبة مرتفعة مقارنة بالنتيجة المسجلة عام 2011، وقدرها 35%. وجاءت قطر في المرتبة الثانية بنسبة 32%، ثم الكويت 20%، والمملكة العربية السعودية 13%، وكانت هذه البلدان قد جاءت في المقدمة من حيث نسب المسافرين إلى الإمارات بقصد السياحة عام 2011 أيضاً. ولا تزال الإمارات وجهة جاذبة للمسافرين بقصد السياحة والترفيه من جميع أنحاء العالم، وفقاً للتقرير، وجاءت دبي ثامنةً بتصنيف المدن التي يقصدها السياح عالمياً، في حين تعدّ أبوظبي المدينة الرابعة الأسرع نمواً في العالم من حيث أعداد الزوار الأجانب. وهذه المؤشرات التي تؤكد استمرار الإمارات في الحفاظ على مكانتها كوجهة سياحية، وزيادة معدلات الراغبين في زيارتها، إذا أضفناها للعوامل المذكورة سلفاً، تعطي صورة كاملة عن الجهود المخلصة المتواصلة التي أدت في النهاية ليس فقط إلى الحفاظ على القمة كوجهة سياحية أولى في المنطقة، بل أدت إلى تحقيق تقدم ونمو واجتذاب المزيد من السياح إقليمياً ودولياً، وهو أمر صعب، لاسيما في ظل المنافسة القوية من دول المنطقة، التي تتقدم معنا أيضاً في صناعة السياحة. الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها، وهذا صحيح، ويؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح، ونحن على مشارف عام جديد، وكل عام وأنتم بخير. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com