في مختلف بقاع الأرض، بدأت الكرة ترتاح قليلاً عن الدوران لتلتقط أنفاسها، بعد أن لهثت كثيراً خلال موسم مميز طغت فيه أخبار كرة القدم وأرقامها القياسية على الكثير من الأخبار والقصص السياسية التي لا تسعد ولا تكل من جلب الكدر والنكد لنا أكثر من أي خسارة لأي فريق نعشقه، ففي كرة القدم لك الحرية في التعبير والتشجيع والفرح أو الحزن ونسيانه فوراً مع الجولة القادمة، وفي السياسة أنت مجبر على تحاشي النشرة القادمة خوفاً من عدد القتلى والجرحى وصراع الكرسي والدولار الذي استنبطت المسلسلات التركية منه استمرارها. في كرة القدم، لك الحرية في متابعة إبداع ميسي، والحكمة التي يضيفها ليونيل الذي تمكن في الخامسة والعشرين من عمره أن يجمع العالم معه ويقودهم إلى الكرة الجميلة بكافة أطيافهم ليقدم لنا بالفعل عصراً جديداً من مشروع النهضة، وإن كانت (كروية) التي ما زال البعض يسعى أن يقدمها سياسياً دون جدوى. في كرة القدم الإيطالية هناك عملية تجديد للشباب باحترام واقتدار دون تصنع وعمليات تجميل مستمرة دون جدوى لا تخرج من الأولى إلا ووجدت نفسك تحجز موعداً للثانية مخبئاً وجهك بعيداً عن أعين الجميع تارة وعن مرآتك تارة أخرى، فها هي “السيدة العجوز” تثبت من جديد للعالم أنها الأولى في كرة القدم تقديراً وإجلالاً لدورها في وضع تقاليد وأصول البيت الكروي الإيطالي ورعايته ودعمه المستمر فتعيش ريادتها بكل إصرار سعياً لاستدراك ما فات الفريق في سنوات حاول فيها البعض أن يعصفوا باليوفي، ولكن تفاجأوا أن “السيدة العجوز” لها من طول البال والقدرة على الصبر والجلد التي تبعدها عن جر جميلتنا الكرة للمحاكم المدنية وبخبرة تعلمتها من واقع البطولات والسنين الطوال في كل أصقاع الأرض لتعود بكل إصرار وقناعة داخلية أولاً للواجهة التي لا ترتضي لغيرها بديلاً لتذكرنا بأن وجود غالبية لاعبي المنتخب الإيطالي في إي إنجاز من أبنائها ليس صدفة، بل مؤشراً يرفع لديك التحدي والتفاؤل بالآوزوري الراقي العالمي وقبل رحيل العام بأيام أصر العام 2012 على مشاركتنا في امنيات العام الجديد بقرعة قلما تجدها دوري أبطال أوروبا فها هما كبيرا إسبانيا وإنجلترا يواجهان بعضهما بعضاً، وهما اللذان اشتاقت إليهما الكأس أكثر من اشتياقهم إليها، خاصة عند المتجدد فيرجسون الذي ذاق الويل على يد ميسي وجماعته في نهائيين ووجد نفسه متفرجاً على نجم الألفية الجديدة بلا منازع يخطف الكأس بكل ثقة وبكل إحراج، ليجد نفسه في ورطة أخرى متمثلة بمواجهة أسد متوج وجريح ينتظر العودة بقوة إلى الساحة في مثل هذه المباريات، وبالبطولة التي استطاع أن يتوج بها ملكاً للكرة بعد ملكيته لبلاده ولطالما ترك المجال لغيره في الاحتفال بمملكته بموافقته حينا ورغماً عنه أحياناً أخرى، ولكنه تفاجأ هذا الموسم بأنه بعد انتهاء موسمه مبكراً في نوفمبر من نفس السنة التي توجته بطلاً لا يملك إلا العودة لمملكته المنسية الأخرى عل وعسى أن يجد فيها بعضاً من الرضا عن النفس بعد أن وصل لبعد خطوة واحدة عنها فهنيئاً لنا متابعي كرة القدم بما يحمله 2013 لنا. أخيراً.. مواسمنا تبدأ وتنتهي بين سنتين ميلاديتين، ولكن الرئيس الحالي لكرة القدم ومحبوب الجماهير، أبى إلا أن يجعلنا نغير قناعاتنا بتحطيمه لرقم جديد من جملة ما حطمه من أرقام غير بها الموسم إلى سنة، هنيئاً لجيل ميسي بما يشاهده، خاصة من لم يعهد عصر الطيبين من الأساطير. arefalawani@hotmail.com