في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم، نحو العاصمة البحرينية المنامة، التي تستضيف اجتماعات الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية في المجالات المختلفة، تبرز الأهمية الكبيرة التي تحظى بها دول المجلس كقوة اقتصادية مؤثرة ولاعب مهم في تحديد مسار الاقتصاد العالمي. فآخر الأرقام والإحصاءات الرسمية تشير إلى أن دول التعاون جاءت في المرتبة الثالثة عشرة عالمياً، من حيث حجم الناتج القومي، الذي بلغ 1,4 تريليون دولار عام 2011، ولا شك أن هذا الموقع يعتبر إنجازاً مهماً إذا ما تحدثنا عن الكيانات الاقتصادية العملاقة، والدول الصناعية الكبرى في العالم. فدول «التعاون» تمكنت من تحقيق الكثير من المنجزات الاقتصادية في فترة زمنية قصيرة نسبياً، وهي منجزات انعكست بصورة أساسية على شعوب هذه الدول. يبدو جلياً اليوم أن دول مجلس التعاون تسير في طريق واضح، نحو تعزيز منجزاتها الاقتصادية وتحقيق المزيد من التكامل سواء من خلال السوق الخليجية المشتركة أو المشاريع الأخرى التي تسهم في تحقيق التكامل بينها في المراحل القادمة، ويأتي ذلك في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد العالمي بظروف صعبة نتيجة أزمات الديون السيادية والأزمات المالية، لاسيما في القارة الأوروبية والولايات المتحدة، وبالتالي فإن الكثير من دول العالم أصبحت تنظر إلى الاقتصاد الخليجي على أنه كيان اقتصادي يمتلك مقومات لا تتوافر في الكثير من الكيانات الأخرى. فهذه الدول ترى أن الفوائض المالية وقدرة الحكومات الخليجية على الإنفاق على مشاريعها التنموية ميزة مهمة تتمتع بها دول المجلس في هذه المرحلة الصعبة بالنسبة للاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن الخطط والاستراتيجيات الواعية التي تطبقها دول المنطقة، ستسهم في تعزيز دور الاقتصاد الخليجي كلاعب مؤثر على الساحة الاقتصادية العالمية في السنوات القادمة. وعلى الصعيد الخارجي، يتضح أن دول مجلس التعاون الخليجي، تتجه نحو تعزيز شراكاتها العالمية، لاسيما مع الاقتصادات الآسيوية مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وغيرها، وهو ما سيؤدي خلال السنوات القادمة إلى تعزيز الشراكات بين هذه الكيانات، فهناك الكثير من القواسم المشتركة بين الاقتصاد الخليجي وهذه الاقتصادات، أبرزها أنها حديثة ومتنوعة، وبالتالي يمكن تحقيق التكامل بينها في السنوات القادمة، لتشكل قوة اقتصادية ذات تأثير أكبر في الاقتصاد العالمي. كل هذه المؤشرات تؤكد الأهمية البالغة للتكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي وتعزيز هذا التكامل مستقبلاً، لكن أهم ما حققه الاقتصاد الخليجي ينعكس على الإنسان الخليجي بصفة خاصة، فمعدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الخليجي بلغ نحو 29,9 ألف دولار خلال العام الماضي 2011، مقارنة بـ14,9 ألف دولار عام 2004، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً ومهماً لنجاح الخطط الاقتصادية لدول المنطقة. الاقتصاد الخليجي تعرض في السنوات الماضية حاله حال الكيانات الاقتصادية الأخرى لظروف الأزمة المالية العالمية، لكنه تمكن من تجاوزها واستعاد مساره الطبيعي بسرعة فاقت الاقتصادات الأخرى، وهو ما يؤكد تمتع الاقتصاد الخليجي بقدر كبير من المرونة والقدرة على التعامل مع المتغيرات العالمية. فاقتصادنا لم يكن سبباً في هذه الأزمة، وأثبت أنه لا يعاني مشاكل «هيكلية» مثلما هو الحال في الكثير من الاقتصادات المتقدمة، وما ينتظره مواطنو دول المجلس هو استمرار القافلة في مسارها لتحقيق المزيد من المنجزات والرفاهية للشعوب. hussain.alhamadi@admedia.ae