«أما بعد:» من جميل العبارات العربية التي تلتصق بالذاكرة وتكاد لا تخلو منها رسالة أو خطبة، واتفق المؤرخون على أن قائلها هو قس بن ساعدة الأيادي وهو من أكبر حكماء العرب قبل الإسلام، و من أهل الفطرة، رآه النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبيل البعثة يخطب الناس بسوق عكاظ وروى خطبته وعجب من حسنها ثم قال: «يرحم الله قسا أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده»، وقد أقر قس بالبعث وقال في هذا الشأن:«من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت أت»،.. ومن جميل ما أورده الجاحظ فصول في العتاب بدأها بـ «أما بعد» قوله: أما بعد: فليكن السكوتُ على لسانك إن كانت العافية من شأنك‏.‏ أما بعد: فلا تَزهد فيمن رَغب إليك فتكون لحظّك مُعاندا وللنعمة جاحدا‏.‏ أما بعد: فإنَّ العقل والهوى ضدان فقَرينُ العقل التوفيق وقَرينُ الهوى الخِذْلان والنفسُ طالبة فبأيهما ظَفِرتْ كانت في حِزْبه‏.‏. أما بعد: فإن الأشخاصَ كالأشجار والحركات كالأغصان والألفاظ كالثمار‏.‏. أما بعد: فإن القلوب أوعية والعقولَ معادن فما في الوعاء يَنفد إذا لم يُمدّه المعدن‏.‏ أما بعد: فكَفى بالتجارب تأديباً وبتقلب الأيام عِظة وبأخلاق مَن عاشرت مَعرفة وبذِكرك الموت زاجرا‏.‏ أما بعد: فإن احتمال الصبر على لَذع الغَضب أهونُ من إطفائه بالشَّتم والقَذع‏.‏ أما بعد: فإن أهل النَظر في العواقب أولو الاستعداد للنوائب وما عَظمت نِعْمة امرئ إلا استغرقت الدنيا همتُه ومَن فَرغ لطلب الآخرة شُغله جعلَ الأيام مطايا عمله والآخرة مَقيل مُرتحله‏.‏. أما بعد: فإن الاهتمام بالدنيا غيرُ زائد في الرزق والأجل والاستغناءَ غير ناقص للمقادير‏.‏ أما بعد: فإنه ليس كل مَن حَلُم أمسك وقد يُستجهل الحليم حين يستخفه الهُجر‏.‏ ? عنترة العبسي: كَمْ يُبْعـِدُ الدَّهــْرُ مــَنْ أَرْجُــو أُقارِبُــهُ عنِّــي ويبعــــثُ شــــيطاناً أحاربـــهُ فيا لهُ مــــن زمـانٍ كلَّمــا انصرفـــتْ صروفــــهُ فتكــــــتْ فينــا عواقبــهُ دَهْرٌ يـرَى الغـدْرَ مـن إحـدَى طبَائِعـهِ فكيْــــفَ يَهْنـــــا بـهِ حُــرٌّ يُصَاحِبُــهُ جَرَّبْتُـــهُ وَأنـــــا غِــــــرٌّ فَهَذَّبَنــــــي مـنْ بَعْدِمــا شَــيَّبَتْ رَأْســي تجَاربُــهُ وَكيْـفَ أخْشـــى مــنَ الأَيَّــامِ نائِبـــة وَالدَّهْـرُ أهْـــونُ مَا عِنْــــدي نَوائبُــهُ كـم ليلـةٍ سـرتُ في البيــداءِ منفـرداً واللَّيْـلُ لِلْغَـرْبِ قـدْ مالــت كوَاكبُــهُ وَكـمْ غدِيـرٍ مَزجْـتُ المــاءَ فيــهِ دمـاً عنـدَ الصَّبـاحِ وراحَ الوحــش طالبـهُ Esmaiel.Hasan@admedia.ae