تتجه أنظار شعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم نحو العاصمة البحرينية المنامة، وهي تستضيف أعمال قمة قادة دول المجلس، في إضافة جديدة ولبنة جديدة تعزز مسيرة التعاون التي انطلقت من عاصمتنا الحبيبة أبوظبي قبل أكثر من 33 عاماً.
وفي كل مرة ينتظم فيها العقد الخليجي، تتكرر تلك العبارة التي أصبحت ديباجة لتصريحات الأمناء العامين الذين تعاقبوا على “أمانة المجلس”، بأن” القمة تنعقد في ظروف بالغة الدقة والحساسية”. وقد ينظر البعض باستغراب لهذه العبارة المتكررة، ولكنها غير بعيدة عن الحقيقة. فقدر المجلس ودوله وشعوبه، أنهم في منطقة استراتيجية بالغة الحيوية، تتقاطع فيها وتتلامس مصالح العالم بأسره. وحيث تتاخم بلدان المجلس بؤراً ومناطق ملتهبة منذ حقبة الحرب الباردة وحتى يومنا هذا. وشهدت المنطقة خلالها ثلاث حروب كبيرة، ربما كان إحداها الأطول في التاريخ الحديث، عندما استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران. وعندما وضعت تلك الحرب أوزارها، وقبل أن تضمد الجراح. كان الغزو الصدامي الغاشم وأحداث حرب تحرير الكويت، ومن بعده الاجتياح الأميركي للعراق.
وعلى الرغم من كل تلك الأحداث المزلزلة مضت سفينة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بثقة واقتدار، وسط تلك اللجج والأمواج العاتية، بفضل من الله وحكمة قادة دول المجلس الذين استطاعوا أن يحافظوا على انتظام لقاءاتهم السنوية، وعززوها بقمة تشاورية تعقد كل ستة أشهر، لبحث المستجدات ومسار تنفيذ التوصيات التي تتمخض عن لقاءات الخير.
تنعقد قمة المنامة، وقد تحقق لأبناء دول المجلس العديد من الإنجازات والمكتسبات، وهم يتطلعون للمزيد منها لتحقيق التكامل المنشود، واستكمال حلقات الانتقال بصيغ التعاون نحو آفاق أرحب، تجسد حقيقة الانتماء الخليجي الواحد، وتعزز البناء الخليجي الواحد، وبالذات فيما يتعلق بالمسار الاقتصادي الذي يعد أحد أهم المسارات ذات الأثر الملموس والمباشر على كل مواطن من أبناء دول المجلس الذي حرص قادته بألا تشغلهم قلاقل وحرائق المنطقة عن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لبلدانهم، والرخاء والازدهار لشعوبهم.
كما يتطلع أبناء المجلس لوقفة حاسمة حازمة من القمة في وجه أولئك الذين يهددون أمن واستقرار المنطقة بأسرها. وبالأخص النظام الإيراني الذي يواصل احتلال أجزاء غالية من تراب الإمارات، ويتجاهل الدعوات المتكررة من الإمارات، وكذلك من المجلس والمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي لتسوية قضية احتلالها لجزرنا الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى بالمفاوضات الثنائية المباشرة أو بالتحكيم الدولي.
كما يتطلعون لوقفة حازمة وحاسمة لوقف تدخل إيران في الشؤون الداخلية للعديد من دول المجلس، وتعريضها أمنهم وسلامتهم للخطر، من خلال برنامج نووي مثير لقلق العالم بأسره، وبما يتنافى مع أبسط حق الجوار والقانون الدولي. كما أنها مناسبة لاتخاذ موقف حازم وموحد من الذين يقفون وراء منظمات مشبوهة، تستغل قضايا حقوق الإنسان للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، ومحاولة النيل من قادتها واستقرارها وإنجازات ومكتسبات شعوبها، تحت ذرائع ومبررات خادعة وتلفيقات وأكاذيب، باسم حرية الرأي والتعبير، لم تسلم منها حتى الأديان والمعتقدات.
قمة المنامة، محطة جديدة تبحر معها سفينة “التعاون” نحو المزيد من الإنجازات والرخاء، وبالله التوفيق.


ali.alamodi@admedia.ae