تتجول في المراكز التجارية الكبيرة، وتجد في كل زاوية فرحاً بمناسبة عيد الميلاد، وبهجة بقدوم العام الجديد، وللطفل نصيب كبير في تلك البهرجة، حيث يحضر “الرجل الثلجي” ويحضر “بابا نويل” بملابسه الحمراء وقبعته المضحكة ولحيته البيضاء الطويلة المرتخية على صدره، ويحضر “الكوخ الخشبي” الذي تزين بابه شجرة عيد الميلاد، ويكلل سطحه ندف الثلج، بل إن شجرة الميلاد تجدها متلألئة بنجومها اللامعة في كل ركن أو مدخل، تحضر عروض السينما، وتشاهد كل ما يدعو للأمل، ويفتح آفاقاً للحلم بأفلام منتقاة لعيد الميلاد، والعام الجديد، حكايات من الأساطير والشخصيات الخيالية، وقصص الحيوان، وأغان، وألعاب مرحة ومسلية، وللطفل النصيب الأكبر من هذه الفرجة، تذهب للأسواق وتجد الحلويات الخاصة بهذه المناسبة، وتجد الملابس المعروضة لهذا الموسم، وتجد البضائع المعدة لهذه الأفراح، وللطفل الحظ الوافر من هذه الغلّة، ما عدا طفلنا العربي “المسكين”، الخالية يديه من كل شيء، التائه فيما يعد لأطفال الغير، الضائع الذي لا يجد نفسه فيما يرى ويشاهد ويسمع ويستمتع، كل ما يربطه بهذه الأشياء المفرحة والتي يراها موجودة في كل مكان، خيال قصصي قرأه أو أفلام شاهدها أو مدرسة أجنبية ترعرع بين صفوفها، فكانت المعلمة الإنجليزية، والمربية الفلبينية أو سفرات إن كانت تسمح الظروف، لذا نجده يعيش على هامش الأشياء، وليس في صلبها، يتحسسها من الخارج، ولا يدرك معنى عمقها، حتى المثال والقدوة لا نستطيع اليوم أن نقدم له مثالاً حيّاً أو قدوة حسنة، إلا إذا نبشنا التاريخ، وعدنا القهقرى زمناً بعيداً، لنجلب له شخصية أسطورية كعلاء الدين ومصباحه السحري، وبساط الريح وقصص كليلة ودمنة أو نختار له شخصية محاربة من التاريخ، لا يقدر أن يستوعب ما صنعت، ولن يصدق ما فعلت حينما يكبر، ويكتشف زيف وخداع ما كان يقدم له، والمصيبة أننا حينما نقدم على فعل التجسير بين حضارتنا -”القديمة” طبعاً، لأن لا جديد ومنظور ويمكن اعتماده في خطى الحضارة الحديثة والمتسارعة للحضارة الغربية- نفعل من الأمور ما يمجها الطفل العربي، ولا يستسيغها، ويجدها لا تماثل ما يقدمه الغرب من فن وحرفية ودراسة معمقة في التفاصيل، حتى علاء الدين ومصباحه السحري، لم نقدر أن نخدم الشخصية والخرافة مثلما فعلت هوليوود حينما أنتجت فيلم علاء الدين، وجعلت هذه الشخصية حاضرة عند شعوب العالم، وسوّقتها بطريقة تجارية، ولكنها ذكية، فاقتنى كل طفل في العالم شيئاً من خصوصيات هذه الشخصية، وشيئاً من الكتاب، والفيلم، والأغاني، وارتبط بها حاضراً وفي الذاكرة، وعندنا يموت الفيلم بمجرد انتهاء عرضه، فإن عملنا فيلماً للأطفال، نربكهم أولاً باللغة العربية ومصطلحاتها التي نحتار كيف نختارها، ونبالغ في علكها، ونعتقد أن عقل طفلنا لا يستوعب، فنقع في السذاجة وبلادة الطرح، فيضحك منا ذلك الطفل العربي المسكين!


amood8@yahoo.com