لا أحد يعرف على وجه الدقة من هو مخترع قصة نهاية العالم المنسوبة إلى حضارة المايا في المكسيك، على الرغم من أن هذه الحضارة على ما يبدو بريئة مما ينسب إليها، وليس لها ذنب في كل ما يدور حول هذا الموضوع الذي انتشر وتأجج في الفترة الأخيرة، ويصل اليوم الجمعة 21 ديسمبر إلى ذروته باعتبار أنه يصادف يوم النهاية المزعوم. لكن الواضح أن أحدهم قد كذب كذبة حول قصة نهاية العالم في مرحلة من المراحل، ومع مرور الوقت كبرت وانتشرت لدرجة أنها تحولت إلى مادة للروايات والأفلام، ومن كثرة تكرارها أصبح بعض البسطاء يتعاملون معها على أساس أنها حقيقة لا تقبل الشك. ورغم تسليمنا بأن هذه القصة مجرد خرافة ليس لها أي أساس، لأن لا أحد يعرف موعد نهاية العالم إلا الله سبحانه وتعالى، علاوة على أن النهاية أي يوم القيامة لا تحصل إلا بشكل مفاجئ، ولكن لها شواهد وقرائن لابد أن تسبق وقوعها متمثلة في علامات الساعة الصغرى والكبرى، وهو الأمر الذي يؤمن به كل مسلم. صحيح أن ليس كل البشر مسلمين، وبالتالي هم لا يؤمنون بما نؤمن به ونصدقه، لكن رغم كل ذلك تظل قصة نهاية العالم غير قابلة للتصديق، مع كل التناقضات التي تحملها والتي لا تحتاج إلى جهد لمعرفتها. عندما تقرأ في هذه القصة تكتشف أمرين، الأول: أن المايا المساكين لم يقولوا مطلقاً إن العالم سينتهي اليوم أو في غيره من الأيام، وكل الذي حصل أن في آثار هذه الحضارة هناك رمز منقوش في "مسلة" مكتوب فيها أن هناك نهاية كبيرة تحصل كل 5200 سنة، دون أن تحدد أمراً واضحاً لهذه النهاية والتي ربما تكون نهاية حقبة أو مرحلة أو نهاية حضارة، ويبقى أن المكتوب على "المسلة" مجرد كلمات عامة، وهذا التاريخ المذكور في روزنامة المايا بحسب الباحثين يصادف اليوم الجمعة 21 ديسمبر. ثانيا، وهو الأهم: المايا حتى لو قالوا بنهاية العالم، ما هو الداعي لتصديق توقعات حضارة قديمة أفكارها قائمة على الخزعبلات والتخلف والشعوذة والتضحية بالبشر، وتقديم القرابين وتصديق البخت والطالع، بالمنطق حضارة المايا لو كان مرفوعا عنها الحجاب وتعرف المستقبل، لكانت على الأقل حمت نفسها ولم تندثر، لكن هناك من يحب القفز فوق المنطق ولغة العقل، ويفضل تصديق الخزعبلات والخرافات. عموماً أفضل شيء في هذا الموضوع أننا سنصل اليوم إلى نهايته، حيث ستمر الجمعة بخير كما تمر بقية أيام الله، ومع مرورها دون أن ينتهي العالم ستنتهي الخرافة والمروجون لها. salshamsi@admedia.ae