مساء أمس الأول غرد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على حساب سموه الشخصي على موقع “تويتر” محيياً شرطة أبوظبي، للفتها نظره لاستخدامه الهاتف أثناء القيادة. وتلقفت المواقع الإلكترونية المحلية منها والخليجية التغريدة، للإشارة إلى ما يحظى به القانون ورجاله في الإمارات من احترام وتقدير في ممارسة يومية، لأن الجميع يتساوى أمامه. ويحرص قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه الحكام في كل مناسبة يلتقون فيها بأعضاء من السلك القضائي، التذكير بأهمية تطبيق القانون واحترامه، بأن يكون الجميع أمامه سواسية، فبناء دولة العدل والقانون والمؤسسات لا يتم إلا باحترام القانون، وتساوي الجميع أمامه مهما كبر الأمر أو صغر، حتى لو كان مخالفة مرورية بسيطة كاستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة.
وما تقدير سموه لرجال المرور للفت نظره للأمر، إلا تأكيد لسلوك حضاري يميز الإمارات ومن فيها. سلوك يقوم على نهج ثابت وراسخ تأسست على أركانه الدولة، منذ المراحل المبكرة لقيامها. ففي أحد أسابيع المرور التي شهدتها البلاد سبعينيات القرن الماضي، توقف القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بسيارته في نقطة على كورنيش أبوظبي، أقيمت للتأكد من صلاحية السيارات وملكيتها وحمل رخصة قيادة، كما جرت العادة في تلك الأيام. تقدم منه فتى من الكشافة يسأله عن رخصة قيادة. تقبل زايد السؤال بصدر رحب ووعده أن يمر على ذات النقطة في اليوم التالي مصطحباً رخصة القيادة، ونفذ وعده رحمه الله، حرصاً على احترام القانون، ومشجعاً الفتى الصغير للعمل بالقانون وتطبيقه من دون تمييز، وكان ذلك درساً للجميع.
رجال تطبيق القانون، ومنهم رجال المرور، وجدوا لضمان الالتزام بقوانين وضعت لحماية المجتمع وأفراده، وضمان سلامته وسلامتهم. وشاهدنا ما يجري في مجتمعات غاب عنها القانون وتطبيقاته، فتحولت إلى ما يشبه الغابة يقضي فيها القوي على الضعيف، ويتربص فيها المتنفذ وذو السطوة بغيره، وتستفحل فيها الأمراض الاجتماعية والفساد الذي يظل ينخر فيها حتى تنهار كل مظاهر سيادة الدولة والقانون، بحيث لا يبقى إنسان يحترم فيها إلا صاحب جاه وقوة.
إن أبسط صور التقدير للقانون ولرجال القانون هو التفاعل والتجاوب معهم بالالتزام بالقانون. ومن هؤلاء، رجال المرور الذين نشاهدهم ينتشرون عند التقاطعات، وعلى الطرق الداخلية والخارجية في مختلف الظروف المناخية، وفي كل الأوقات في جهد واضح وملموس للحد من الجنون الذي يمارسه البعض على الطرق، متحدياً كل اللوائح والأنظمة المرورية التي وضعت في المقام الأول والأخير من أجل سلامته والآخرين. بل تجد هذا البعض يتفنن في ابتكار طرق وأساليب التجاوز والتحايل على تلك اللوائح والقوانين في سباق نحو التهلكة. وإلا كيف نفسر تصرفات أولئك الذين ضبطتهم الشرطة يقودون مركبات مستخدمين وقوداً مخصصاً للطائرات؟!. فتحية لهؤلاء الرجال ولكل من أسهم في تعزيز ثقافة القانون، وليتذكر الجميع مسؤولياته تجاه هذا الأمر الذي أكدت عليه مؤخرا مدونة الإنسان الإماراتي، التي أقرها مجلس الوزراء، فالقانون سلوك وحضارة.


ali.alamodi@admedia.ae